وثائق : البشير والمحكمة الجنائية
واشنطن: محمد علي صالح
اهداني مشكورا الاخ الكريم الصحافي فتحي الضو كتابه الجديد "الخندق"، وفيه وثائق تنشر لاول مرة، قال ان جهات رفض كشفها تعمل داخل جهاز الاستخبارات السوداني هي التي سلمته الوثائق لينشرها، وذلك بسبب نشاطاته لسنوات طويلة ضد حكومة الرئيس عمر البشير.
كشفت الوثائق ان الاستخبارات السودانية نسقت حملة فاشلة للحيلولة دون ادانة الرئيس السوداني عمر البشير من قبل المحكمة الجنائية الدولية في سنة 2008. وان الحملة كانت عشوائية وبدائية، ولم تصل الى المسئولين في الدول التي كانت وراء الادانة، ناهيك عن التأثير عليهم.
اغلبية الوثائق مراسلات بين صلاح غوش، مدير الاستخبارات في ذلك الوقت، ومندوب الاستخبارات السودانية في العاصمة الاثيوبية اديس ابابا. وفي الوثائق اشارات الى "عملاء" غربيين في لندن ونيويورك، يقدمون للاستخبارات السودانية معلومات "سرية". لكن، يبدو انها لم تكن سرية، كما ان "العملاء" لم يكونوا يؤثرون على صانعي القرار في الدول الغربية التي كانت وراء ادانة الرئيس البشير.
سمت الاستخبارات السودانية الحملة المضادة باسم "الخندق". ويعتقد انها اشارة ساذجة الى معركة الخندق في المدينة المنورة في عهد النبي محمد، عندما حاصرها الكفار من كل جانب. وحفر المسلمون خندقا اجبر الكفار على الانتظار لفترة طويلة، ثم عصفت بهم رياح شديدة، واجبرتهم على العودة الى مكة منهزمين.
محتوى محادثة هاتفية:
وفي وثيقة يوم 1-7-2008، قبل اسبوعين من ادانة البشير في اعلان اصدره لويس اوكامبو، كبير محققي محكمة الجنايات الدولية، ارسل مندوب الاستخبارات في اديس ابابا، محمد حسان بابكر، رسالة الى مديره فيها اشارة الى مصدر يبدو انه غربي، وسماه "الروماني".
وقال ان المصدر اعطاه، في اليوم السابق، "معلومات هامة" هي محتوى محادثة هاتفية بين اوكامبو وجين جيوهينو، مساعد الامين العام للامم المتحدة لحفظ السلام وفيها ان الامم المتحدة قلقة على مصير قواتها في السودان اذا ادانت المحكمة البشير، وان البشير ربما سوف ينتقم باعلان الحرب على تلك القوات. وان مسئول الامم المتحدة طلب من محقق المحكمة الجنائية "اخطاره بالتوقيت المزمع لاعلان اسماء القيادات السودانية التي ستطلب المحكمة اعتقالها، بهدف اجراء الاحتياطات اللازمة لحماية البعثات الدولية في السودان." وهناك اشارات الى "خطوره هذا الاتهام على عملية السلام في السودان."
وكتب بابكر ان هذه المعلومات تؤكد ما نقل اليه "عميل" آخر سماه "هود"، يبدو انه بريطاني يتنقل بين لندن ونيويورك، وله اتصالات مع رئاسة الامم المتحدة في نيويورك. وقابلة بابكر عدة مرات في لندن لجمع "المعلومات الهامة."
ودعوا كلهم مدير الاستخبارات السودانية من اجل "التحرك العاجل" بهدف "ارباك خططه (اوكامبو)، وتشتيتها. خاصة في المحور القانوني." وان اوكامبو كان قال لمسئول اميركي"انه لا يلتفت الى الدبلوماسية، وسيمضي قدما في اعلانه. مما يعني اهمية تعجيل العمل القانوني، واعطائه الاولية القصوى الان."
مساعد الامين العام للامم المتحدة:
وحصل بابكر على وثيقة باللغة الانجليزية، ارسلها الى رئيسه في الخرطوم، قال انها من مكتب مساعد الامين العام للامم المتحدة. وتتحدث عن تاثير "احتمالات ادانة مسئولين حكوميين كبار في السودان على قوات الامم المتحدة هناك." وان الادانة "ستكون لها نتائج وخيمة" على هذه القوات. كما ان الحركة الشعبية (التي كانت تشارك في ذلك الوقت حزب المؤتمر الوطني في حكومة وحدة وطنية) ربما ستنسحب من الحكومة، وان ذلك "يمكن ان يدمر اتفاقية السلام" بين الشمال والجنوب، والتي كانت عقدت في سنة 2005.
واوضحت وثيقة اخرى باللغة الانجليزية، قيل انها ايضا من داخل مكتب مساعد الامين العام للامم المتحدة، بتاريخ 26-6-2008، قبل ثلاثة اسابيع تقريبا من قرار ادانة البشيرـ توقعات عن الذين سوف تدينهم المحكمة. وانه "حسب مصادرنا في المحكمة الجنائية الدولية، يبدو انهم سوف يدينون ستة من كبار المسئولين السودانيين، منهم: صلاح غوش، مدير الامن الوطني والاستخبارات، ونافع على نافع، مساعد الرئيس، ونائب الرئيس على عثمان طه، وربما الرئيس البشير نفسه."
رغم هذه المعلومات، يبدو ان الاستخبارات السودانية لم تفهم، او لم تتوقع، الخطر القادم. ولا تعقيدات الموضوع والتطورات التي كان واضحا ان وراءها حكومات غربية، بقيادة الحكومة الاميركية.
تجنيد محامين دوليين:
وقبل اسبوعين فقط من ادانة البشير، اشار خطاب الى مدير الاستخبارات الى "خطة ذات حدين: العمل السياسي، والعمل العسكري" للحيلولة دون ادانة البشير. واشار الخطاب الى اجتماع عقد في فندق "سيتى ان" في لندن بين بابكر والعميل المسمي "هود". وفيه ان بابكر طلب من "هود" "التعرف على المجموعة القانونية والمحامين الذين تمكن الاستعانة بهم في حالة اللجوء الى الخيار القانوني في الخطة." و ايضا، طلب منه "مواصلة اتصالاته لمعرفة اي تطورات قد تطرأ في خضم الحملة الجارية الأن في الشبكة العنكبوتية عن العواقب المترتبة على اتخاذ قرار كهذا (ادانة البشير)".
وعن رفع قضية ضد محكمة الجنايات الدولية، قال "هود" ان "مكتب محاماة ماتركس جامبرز في لندن هو من المشهود لهم بالحيادية، والكفاءة، وحسن السمعة. وذكر اسم ساندي وبن اميرسون محامين مرموقين، ولديهم علاقات بعدد من المؤسسات، سواء دول او منظمات، وسبق ان ترافعوا في عدة قضايا تخص دولا ومنظمات، وكسبوها... وعن امكانية تعامل هذه المجموعة مع السودان، اكد انها ستفرح بمثل هذا العمل لاهميته. وامن على ضرورة التحرك في هذا الوقت، وفق خطة شاملة، وواضحة المعالم، سياسيا وقانونيا ودبلوماسيا."
صحافيون سودانيون:
وفي وثيقة اخرى، ايضا قبل ايام قليلة من ادانة البشير، اشارة الى "اهمية تشكيل لجنة قانونية سودانية لدراسة هذا الامر"، وخاصة قرار مجلس الامن رقم 1593 الذي دعا السودان للتعاون مع المحكمة الجنائية. و "لمعرفة الثغرات الواردة في القرار 1593، والتي يمكن الاستناد عليها في مناهضة احالة الموضوع الى المحكمة الجنائية. كذلك، من الافضل دراسة البيان الاخير الذي قدمه المدعي العام (اوكامبو) الى مجلس الامن ، والذي حوى كثيرا من المغالطات التي يمكن استغلالها."
واشارت وثيقة اخرى الى ان "الامر كله سياسي، ومظاهرة اعلامية" ضد البشير. ودعت الى تجنيد صحافيين اجانب، وايضا سودانيين لمواجهة هذه "المظاهرة".
غير ان تجنيد صحافيين سودانيين شمل محاولات استخباراتية للتجسس عليهم. مثل محاولة اختراق اتحاد الصحافيين السودانيين في السعودية، وموقع "سودانيز اون لاين" النشط في الانترنت. وتشير الوثائق الى اسماء صحافيين سودانيين لهم صلة بالموضوع. وايضا، هناك اسماء صحافيين سودانيين في وثائق تقترح استغلالهم للدعاية والترويج لقانون الامن الوطني لسنة 2009، وهو قانون يزيد نشاطات وقوة جهاز الاستخبارات. وذلك تحت عناوين مثل: "المقالات، والاعمدة الصحافية، والنشرات الصحافية، واللقاء الصحافي." وايضا، "استكتاب عدد من القانونيين والسياسيين والخبراء (مع ذكر بعض الاسماء) لمقالات داعمة للقانون (قانون الامن الوطني الجديد)".
روبرت ماكفارلين:
ومثلما اوضحت الوثائق ان محاولات الاستخبارات السودانية في الحيلولة دون ادانة الرئيس البشير كانت عشوائية وبدائية، حتى بعد الادانة في سنة 2008، استعملت هذه الاستخبارات نفس النهج وهي تحاول "تحسين صورة الرئيس وصورة السودان."
واوضحت وثائق مراسلات مع روبرت ماكفارلين، مستشار الرئيس ريغان للامن الوطني، والذي ادين في فضيحة "ايران غيت" (بيع اسلحة الى ايران سرا، وارسال العائد الى ثوار يمينيين في نيكاراغوا كانت تؤيدهم ادارة ريغان). قررت الاستخبارات السودانية التعاون معه، ونسق ذلك بابكر، ممثل الاستخبارات في اديس ابابا.
ومرة اخرى، يبدو ان الاستخبارات السودانية نسيت، او لم تكن تقدر، قوة اللوبي العملاق المعادي للرئيس البشير، والمتمثل في منظمات مسيحية متطرفة، ويهودية متطرفة، واميركيين سود متطرفين، مثل منظمة: "انقاذ دارفور"، ومتحف الهولوكوست اليهودي في واشنطن، و "بلاك كوكاس" (اعضاء الكونغرس السود)، ومنظمة "ايناف" (كفاية) التي يقودها جون برندرغاست، وحليفه الممثل السينمائي جورج كلوني. بمجرد ان عرفت هذه بان ماكفارلين عقد اتفاقية باكثر من مليون دولار مع حكومة البشير، هبت عليه في حملة اعلامية عشواء (اشارت الى ماضية "الاسود") جعلته يغير رايه.
السناتور جون دانفورث:
وهناك علاقة الاستخبارات السودانية مع السناتور السابق جون دانفورث، مبعوث الرئيس السابق بوش الابن الى السودان، والذي مهد لاتفاقية السلام بين الشمال والجنوب سنة 2005. في وثيقة سنة 2009، كتب بابكر بان دانفورث "يريد ان يشترى مائتين وخمسين الف جوال سكر من شركة سكر كنانة، وذلك لاستثمارها لمصلحته. وقد بعث دانفورث بابنه "براين" المتواجد حاليا في دبي لاكمال هذه الصفقة." واضافت الوثيقة ان دانفورث "يريد ان يعطى هذه الكمية بسعر مناسب، وسيقوم بشحنها الى خارج السودان. ونظرا للحظر الاميركي فان المبلغ سيتم توريده في حساب في دبي. وسيتم التعاقد باسم غير اميركي لاكمال الصفقة."
ودعا بابكر مدير الاستخبارات للموافقة، وذلك لان "دانفورث هو ضمن المجموعة التي يترأسها روبرت ماكفارلين."
لا يوجد في مجموعة الوثائق شئ عن فشل او نجاح الصفقة مع دانفورث، اذا كانت صحيحة. ولم ينشر تعليق من دانفورث. ولكن، في نفس سنة 2009، وبعد ضغط اللوبي الاميركي المعادي للرئيس البشير على ماكفارلين، قال ماكفارلين لصحيفة "واشنطن بوست": "انا لا ارتبط حاليا، كما انني لم ارتبط قبل ذلك، باي اعمال مع اي مكان تابع لحكومة السودان."
وكتب فتحي الضو، الذي حصل على الوثائق: "نجد انه من وراء الممارسات الشائهة لجهاز الامن والمخابرات، تقف في كواليسه فئة منكفئة على ذواتها، تكبلها احاسيس بالدونية نتيجة تعقيدات مجتمعية ونفسية. وهو امر ليس حكرا على منسوبي هذا الجهاز وحدهم، بل هي في الواقع سمات وسلوكيات كل منسوبي هذه الاجهزة التي تعمل في الظلام، اي في ظل نظام دكتاتوري شمولي..."
------------------------
contact@MohammadAliSalih.com
واشنطن: محمد علي صالح
اهداني مشكورا الاخ الكريم الصحافي فتحي الضو كتابه الجديد "الخندق"، وفيه وثائق تنشر لاول مرة، قال ان جهات رفض كشفها تعمل داخل جهاز الاستخبارات السوداني هي التي سلمته الوثائق لينشرها، وذلك بسبب نشاطاته لسنوات طويلة ضد حكومة الرئيس عمر البشير.
كشفت الوثائق ان الاستخبارات السودانية نسقت حملة فاشلة للحيلولة دون ادانة الرئيس السوداني عمر البشير من قبل المحكمة الجنائية الدولية في سنة 2008. وان الحملة كانت عشوائية وبدائية، ولم تصل الى المسئولين في الدول التي كانت وراء الادانة، ناهيك عن التأثير عليهم.
اغلبية الوثائق مراسلات بين صلاح غوش، مدير الاستخبارات في ذلك الوقت، ومندوب الاستخبارات السودانية في العاصمة الاثيوبية اديس ابابا. وفي الوثائق اشارات الى "عملاء" غربيين في لندن ونيويورك، يقدمون للاستخبارات السودانية معلومات "سرية". لكن، يبدو انها لم تكن سرية، كما ان "العملاء" لم يكونوا يؤثرون على صانعي القرار في الدول الغربية التي كانت وراء ادانة الرئيس البشير.
سمت الاستخبارات السودانية الحملة المضادة باسم "الخندق". ويعتقد انها اشارة ساذجة الى معركة الخندق في المدينة المنورة في عهد النبي محمد، عندما حاصرها الكفار من كل جانب. وحفر المسلمون خندقا اجبر الكفار على الانتظار لفترة طويلة، ثم عصفت بهم رياح شديدة، واجبرتهم على العودة الى مكة منهزمين.
محتوى محادثة هاتفية:
وفي وثيقة يوم 1-7-2008، قبل اسبوعين من ادانة البشير في اعلان اصدره لويس اوكامبو، كبير محققي محكمة الجنايات الدولية، ارسل مندوب الاستخبارات في اديس ابابا، محمد حسان بابكر، رسالة الى مديره فيها اشارة الى مصدر يبدو انه غربي، وسماه "الروماني".
وقال ان المصدر اعطاه، في اليوم السابق، "معلومات هامة" هي محتوى محادثة هاتفية بين اوكامبو وجين جيوهينو، مساعد الامين العام للامم المتحدة لحفظ السلام وفيها ان الامم المتحدة قلقة على مصير قواتها في السودان اذا ادانت المحكمة البشير، وان البشير ربما سوف ينتقم باعلان الحرب على تلك القوات. وان مسئول الامم المتحدة طلب من محقق المحكمة الجنائية "اخطاره بالتوقيت المزمع لاعلان اسماء القيادات السودانية التي ستطلب المحكمة اعتقالها، بهدف اجراء الاحتياطات اللازمة لحماية البعثات الدولية في السودان." وهناك اشارات الى "خطوره هذا الاتهام على عملية السلام في السودان."
وكتب بابكر ان هذه المعلومات تؤكد ما نقل اليه "عميل" آخر سماه "هود"، يبدو انه بريطاني يتنقل بين لندن ونيويورك، وله اتصالات مع رئاسة الامم المتحدة في نيويورك. وقابلة بابكر عدة مرات في لندن لجمع "المعلومات الهامة."
ودعوا كلهم مدير الاستخبارات السودانية من اجل "التحرك العاجل" بهدف "ارباك خططه (اوكامبو)، وتشتيتها. خاصة في المحور القانوني." وان اوكامبو كان قال لمسئول اميركي"انه لا يلتفت الى الدبلوماسية، وسيمضي قدما في اعلانه. مما يعني اهمية تعجيل العمل القانوني، واعطائه الاولية القصوى الان."
مساعد الامين العام للامم المتحدة:
وحصل بابكر على وثيقة باللغة الانجليزية، ارسلها الى رئيسه في الخرطوم، قال انها من مكتب مساعد الامين العام للامم المتحدة. وتتحدث عن تاثير "احتمالات ادانة مسئولين حكوميين كبار في السودان على قوات الامم المتحدة هناك." وان الادانة "ستكون لها نتائج وخيمة" على هذه القوات. كما ان الحركة الشعبية (التي كانت تشارك في ذلك الوقت حزب المؤتمر الوطني في حكومة وحدة وطنية) ربما ستنسحب من الحكومة، وان ذلك "يمكن ان يدمر اتفاقية السلام" بين الشمال والجنوب، والتي كانت عقدت في سنة 2005.
واوضحت وثيقة اخرى باللغة الانجليزية، قيل انها ايضا من داخل مكتب مساعد الامين العام للامم المتحدة، بتاريخ 26-6-2008، قبل ثلاثة اسابيع تقريبا من قرار ادانة البشيرـ توقعات عن الذين سوف تدينهم المحكمة. وانه "حسب مصادرنا في المحكمة الجنائية الدولية، يبدو انهم سوف يدينون ستة من كبار المسئولين السودانيين، منهم: صلاح غوش، مدير الامن الوطني والاستخبارات، ونافع على نافع، مساعد الرئيس، ونائب الرئيس على عثمان طه، وربما الرئيس البشير نفسه."
رغم هذه المعلومات، يبدو ان الاستخبارات السودانية لم تفهم، او لم تتوقع، الخطر القادم. ولا تعقيدات الموضوع والتطورات التي كان واضحا ان وراءها حكومات غربية، بقيادة الحكومة الاميركية.
تجنيد محامين دوليين:
وقبل اسبوعين فقط من ادانة البشير، اشار خطاب الى مدير الاستخبارات الى "خطة ذات حدين: العمل السياسي، والعمل العسكري" للحيلولة دون ادانة البشير. واشار الخطاب الى اجتماع عقد في فندق "سيتى ان" في لندن بين بابكر والعميل المسمي "هود". وفيه ان بابكر طلب من "هود" "التعرف على المجموعة القانونية والمحامين الذين تمكن الاستعانة بهم في حالة اللجوء الى الخيار القانوني في الخطة." و ايضا، طلب منه "مواصلة اتصالاته لمعرفة اي تطورات قد تطرأ في خضم الحملة الجارية الأن في الشبكة العنكبوتية عن العواقب المترتبة على اتخاذ قرار كهذا (ادانة البشير)".
وعن رفع قضية ضد محكمة الجنايات الدولية، قال "هود" ان "مكتب محاماة ماتركس جامبرز في لندن هو من المشهود لهم بالحيادية، والكفاءة، وحسن السمعة. وذكر اسم ساندي وبن اميرسون محامين مرموقين، ولديهم علاقات بعدد من المؤسسات، سواء دول او منظمات، وسبق ان ترافعوا في عدة قضايا تخص دولا ومنظمات، وكسبوها... وعن امكانية تعامل هذه المجموعة مع السودان، اكد انها ستفرح بمثل هذا العمل لاهميته. وامن على ضرورة التحرك في هذا الوقت، وفق خطة شاملة، وواضحة المعالم، سياسيا وقانونيا ودبلوماسيا."
صحافيون سودانيون:
وفي وثيقة اخرى، ايضا قبل ايام قليلة من ادانة البشير، اشارة الى "اهمية تشكيل لجنة قانونية سودانية لدراسة هذا الامر"، وخاصة قرار مجلس الامن رقم 1593 الذي دعا السودان للتعاون مع المحكمة الجنائية. و "لمعرفة الثغرات الواردة في القرار 1593، والتي يمكن الاستناد عليها في مناهضة احالة الموضوع الى المحكمة الجنائية. كذلك، من الافضل دراسة البيان الاخير الذي قدمه المدعي العام (اوكامبو) الى مجلس الامن ، والذي حوى كثيرا من المغالطات التي يمكن استغلالها."
واشارت وثيقة اخرى الى ان "الامر كله سياسي، ومظاهرة اعلامية" ضد البشير. ودعت الى تجنيد صحافيين اجانب، وايضا سودانيين لمواجهة هذه "المظاهرة".
غير ان تجنيد صحافيين سودانيين شمل محاولات استخباراتية للتجسس عليهم. مثل محاولة اختراق اتحاد الصحافيين السودانيين في السعودية، وموقع "سودانيز اون لاين" النشط في الانترنت. وتشير الوثائق الى اسماء صحافيين سودانيين لهم صلة بالموضوع. وايضا، هناك اسماء صحافيين سودانيين في وثائق تقترح استغلالهم للدعاية والترويج لقانون الامن الوطني لسنة 2009، وهو قانون يزيد نشاطات وقوة جهاز الاستخبارات. وذلك تحت عناوين مثل: "المقالات، والاعمدة الصحافية، والنشرات الصحافية، واللقاء الصحافي." وايضا، "استكتاب عدد من القانونيين والسياسيين والخبراء (مع ذكر بعض الاسماء) لمقالات داعمة للقانون (قانون الامن الوطني الجديد)".
روبرت ماكفارلين:
ومثلما اوضحت الوثائق ان محاولات الاستخبارات السودانية في الحيلولة دون ادانة الرئيس البشير كانت عشوائية وبدائية، حتى بعد الادانة في سنة 2008، استعملت هذه الاستخبارات نفس النهج وهي تحاول "تحسين صورة الرئيس وصورة السودان."
واوضحت وثائق مراسلات مع روبرت ماكفارلين، مستشار الرئيس ريغان للامن الوطني، والذي ادين في فضيحة "ايران غيت" (بيع اسلحة الى ايران سرا، وارسال العائد الى ثوار يمينيين في نيكاراغوا كانت تؤيدهم ادارة ريغان). قررت الاستخبارات السودانية التعاون معه، ونسق ذلك بابكر، ممثل الاستخبارات في اديس ابابا.
ومرة اخرى، يبدو ان الاستخبارات السودانية نسيت، او لم تكن تقدر، قوة اللوبي العملاق المعادي للرئيس البشير، والمتمثل في منظمات مسيحية متطرفة، ويهودية متطرفة، واميركيين سود متطرفين، مثل منظمة: "انقاذ دارفور"، ومتحف الهولوكوست اليهودي في واشنطن، و "بلاك كوكاس" (اعضاء الكونغرس السود)، ومنظمة "ايناف" (كفاية) التي يقودها جون برندرغاست، وحليفه الممثل السينمائي جورج كلوني. بمجرد ان عرفت هذه بان ماكفارلين عقد اتفاقية باكثر من مليون دولار مع حكومة البشير، هبت عليه في حملة اعلامية عشواء (اشارت الى ماضية "الاسود") جعلته يغير رايه.
السناتور جون دانفورث:
وهناك علاقة الاستخبارات السودانية مع السناتور السابق جون دانفورث، مبعوث الرئيس السابق بوش الابن الى السودان، والذي مهد لاتفاقية السلام بين الشمال والجنوب سنة 2005. في وثيقة سنة 2009، كتب بابكر بان دانفورث "يريد ان يشترى مائتين وخمسين الف جوال سكر من شركة سكر كنانة، وذلك لاستثمارها لمصلحته. وقد بعث دانفورث بابنه "براين" المتواجد حاليا في دبي لاكمال هذه الصفقة." واضافت الوثيقة ان دانفورث "يريد ان يعطى هذه الكمية بسعر مناسب، وسيقوم بشحنها الى خارج السودان. ونظرا للحظر الاميركي فان المبلغ سيتم توريده في حساب في دبي. وسيتم التعاقد باسم غير اميركي لاكمال الصفقة."
ودعا بابكر مدير الاستخبارات للموافقة، وذلك لان "دانفورث هو ضمن المجموعة التي يترأسها روبرت ماكفارلين."
لا يوجد في مجموعة الوثائق شئ عن فشل او نجاح الصفقة مع دانفورث، اذا كانت صحيحة. ولم ينشر تعليق من دانفورث. ولكن، في نفس سنة 2009، وبعد ضغط اللوبي الاميركي المعادي للرئيس البشير على ماكفارلين، قال ماكفارلين لصحيفة "واشنطن بوست": "انا لا ارتبط حاليا، كما انني لم ارتبط قبل ذلك، باي اعمال مع اي مكان تابع لحكومة السودان."
وكتب فتحي الضو، الذي حصل على الوثائق: "نجد انه من وراء الممارسات الشائهة لجهاز الامن والمخابرات، تقف في كواليسه فئة منكفئة على ذواتها، تكبلها احاسيس بالدونية نتيجة تعقيدات مجتمعية ونفسية. وهو امر ليس حكرا على منسوبي هذا الجهاز وحدهم، بل هي في الواقع سمات وسلوكيات كل منسوبي هذه الاجهزة التي تعمل في الظلام، اي في ظل نظام دكتاتوري شمولي..."
------------------------
contact@MohammadAliSalih.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق