Osman Naway Post

Osman Naway Post
لكل الكتاب وخاصة الشباب ارحب بنشر مقالاتكم على المدونة فقط راسلونى على الايميل nawayosman@gmail.com

الخميس، أبريل 19، 2012

بلد ناس فكي شدر 2



هي بنية اجتماعية ذات عقلية موحدة تعبر و تفصح عن نفسها بطرق متعددة. تتعدد من حيث الكم و تنسجم و تتحد من حيث النوع و المضامين. تلك هي مكنزميات استراتيجيتها في ان تكون باقية و مسيطرة علي الاخرين. مثلها مثل التجمعات الدينية الماورائية و الايديولوجية, و التي هي عبارة عن تحالفات عريضة و واسعة بين القادة المؤسسين اللصوص و التابعين المؤمنين الموحدين المطبقين بصدق كامل للايديولوجيا. في تلك التجمعات, فقط القادة هم الذين يفكرون و يضعون التأسيس النظري و التطبيقي للعقيدة المعينة, و بذلك يكونون لصوصا لأنهم يجردون تابعيهم الحواريين من أي امكان للتفكير و أعمال العقل, بل أنهم أي القادة في سبيل الحفاظ علي وضعهم و مصالحهم يحرمون التفكير و يعتبرونه ردة و كفر, و يوهمون التابعيىن ان لا داعي للتفكير بأعتبار أن النظرية الايديولوجية قد كفتهم شر ذلك, فقط علي التابعين الرجوع لكتب السلف و التمعن فيها بعين مؤمنة و متوكلة. لذلك, فأن ردودهم و نصائحهم دوما تأتي علي شاكلة: معقول أنت ما حافظ تفسير الجلالين؟ الفية ابن مالك؟ تراثيات ماركس و لينين؟ المشروع الحضاري؟ فرائض الوضوء؟ غسل الجنابة و الميت؟ سلسلة الماهيات؟ الصحوة و النهضة الاسلامية؟ الخلافة الراشدة؟ تهافت الفلاسفة؟ الي ما لا نهاية.
جديرا بالذكر, ان تلك البنية لها من السياسات العملية التي تضمن لها انتاج و تفريخ افواجا من المؤمنين التابعين, و في سبيل ذلك تجدها قد انشأت مؤسسات ضخمة بميزانيات مهولة. تلك المؤسسات تعمل بكل ما أوتيت من قوة لأنتاج أعداد غفيرة من المؤمنين التابعين الذين ينظرون للشئ و لكنهم لا يرونه من كثرة ايمانهم به, يقرأون مقولات سلفهم فيحفظونها صم, و أنهم في أتم أستعدادهم للأستشهاد و الجهاد والنضال من أجل ما أنتجه اسلافهم الصالحين.
بالرغم من وجود الاشكاليات المرتبطة عضويا بتلك البنية, ألا أن المشكل الأكبر في جانبها من التابعين. ذلك, لأن التلف الذي حدث لتلك الرؤوس حورها و حولها الي حالة سلفية جهادية لا تتعامل مع الاشياء الا من حيث تم انتاجها, و انها أن سمعت غير ما قاله لها سلفها الصالح, فأنها لا تملك غير التزود من جديد بمقولات قادتها و عقيدتها, فأما أنها أعلنت الجهاد أو أعلنت الجهاد.
تلك البنية لها قادتها العتاة الظالمين في السودان , الذين عاشوا و لا زالوا يعيشون علي مص دماء المهمشين. هم أولئك الذين سموا أنفسهم بأولاد البلد و أسيادها, اسسوا مؤسساتهم الحزبية علي نمط السيد و العبيد. أختلفت و تعددت أحزابهم و تجمعاتهم لكنهم يمثلون بنية منظومة واحدة, بنية مؤسسة الجلابة.
هم الذين ظلوا يستهدفون كل المهمشين قهرا و تقتيلا, و قسموا الناس الي أسياد و عبيد, و عملوا علي اعادة انتاج الأخرين علي نمطهم, نمط الانسان الجلابي. استخدموا مؤسسات الدولة كألة للقمع و الاستبداد, ففرضوا دينهم و لغتهم و ثقافتهم و موروثاتهم علي جميع شعوب السودان و بالاخص المناطق التي  يسمون سكانها بالعبيد.
قلت ان مؤسساتهم التي انشأوها قامت علي نمط مؤسسات السلف و التابعين, القادة و المنساقين,المنظرين والمطبقين, السادة و العبيد, الفكي و الحواريين. هم مجموعة واحدة تعمل نيابة عن مؤسسة ام شليخ, نعم أنها تكتيكات التربع علي تلك البيوتات التي سموها أحزاب. هم بنية واحدة تعمل من اجل استمرارية سيطرتهم و استبدادهم علي الاخرين. بتلك الاستراتيجيات استطاعوا دون استحياء ان يسخروا ممتلكات الوطن وثرواته لمصلحتهم, فأمتلكوا القصور الفارهة, الاموال التي لا تأتيها النار, و اصبحوا يعيشون في منأي عن الضنك. أنهم قوم وصلوا مرحلة من الاستبداد يندر مثيلها في امثلة الاستنكاح. علي سبيل المثال لا الحصر, عدد منهم لا يعرف لهم عمل غير انهم قمم احزاب سياسية و لفترات يجوز معها تسميتهم بالدائمين. ليس ذلك الغريب وحده, بل الأعجب أنهم يملكون اموالا طائلة منها يتعالجون في اوروبا و امريكا, كما أنهم من تلك الاموال يحجون الي اراض يعتقدونها لأجدادهم الأولين. انه مثلثهم الذي تبنوه لتمكين كياناتهم الاستبدادية المتسلطة, كياناتهم التي تشير اذ تشير الي الاسر الثلاثة الحاكمة في السودان. و لذلك تجدهم علي قلب رجل واحد و أن تباينت أسماء أحزابهم, فهم نفس المؤسسة سالفة الذكر.
و ما أن يتفوه الهامش بغم, ألا و  وصفوه بمفرداتهم المجرورة و المكرورة. تلك هي مكنزماتهم المعروفة من امثال: عنصري, جهوي, برجوازي, كافر, مرتد,  قبلي, متخلف.............الخ. ولكن كل هذه الاوصاف تسهل عندي عندما اسمع بعضهم وهم يصفون أنفسهم تقدميين. عندها أتذكر و أقر أن خطاب الغياب, خطاب اللاوعي قد أدي مفعوله و اكثر.
 تلك هي الياتهم التي ظلوا يمارسونها منذ زمن ليس بالقريب, أنها محاولاتهم المستميتة لممارسة الارهاب الفكري علي الاخرين, و في نفس الوقت لأستمرار أيهام و خداع المريدين و الحواريين التابعين.
انهم وصلوا لمرحلة فيها لا يرون الا انفسهم, و لذلك يعتبرون انفسهم معيارا لكل الاخرين في هذا المسمي سودان. و من استعلائهم, انهم ان نظروا للاشياء فأنهم يبحثون عن ذاتهم التي أن لم يجدوها أتوا بأقوالهم المعروفة من أمثال: الناس في شنو و أنت في شنو؟ ثم لم يلبثوا أن سخروا من واقعك الاجتماعي الثقافي!!! ثم يأتون بمفردات حفظوها كما الأعراب تحمل اسفارا!!! (مثال: رد أحدهم قائلا: العالم يتسابق فالتنمية والاختراعات ونحنا فى ناس امجقلو وطين فى كرعين ما ببقى نعلين بس ياهو الببارى الجداد).
و لكن تلك المكنزمات ما عادت ذات جدوي في ممارسة الاستعلاء و الاستبداد, كما أنه قد تم استهلاكها علي مر سنين القهر و الاستعلاء ضد الهامش بحيث لم تعد ذات فاعلية. هي مؤسسة الجلابة بنفس عقليتها التي رأيناها و عرفنا مقدرتها علي التمثيل. حيث تجد منسوبيها من الحفظة المجودين للعناوين الكبيرة, و تجدهم علي ظهورهم الكتب التي أصفرت حتي أنها أكفهرت.
عفوا أخي و صديقي ماجد معالي, أخبرهم نيابة عني: انني اخاطب ابناء جلدتي من المهمشين, الذين تحرروا من التبعية النمطية في التفكير ثم قرروا طريقتهم في الثورة والنضال. و أني ما زلت من ابناء دارفور و سأظل. و أني سأظل أحمل هويتي تلك, و لن أرضي علي الاطلاق أن أسلخ جلدتي, و أصر علي أن: لصيق طين في رجلين و لا ببقي لزول نعلين.
                                                    
أنقابو – دارفور
9 ابريل 2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق