الادارة الامريكية والسودان : تضارب السياسات
- ان التضارب فى توجه سياسات الادارة الامريكية تجاه السودان شديد الوضوح , ففى الحين الذى يزور فيه السيد ليمان السودان فى 23 اكتوبر الماضى , لمناقشة الاوضاع الانسانية فى جنوب كردفان والنيل الازرق , كانت الادارة الامريكية قد خففت الحظر الافتصادى على السودان قبل ايام من الزيارة , فما هى الضغوط يا ترى سيمارسها ليمان على النظام السودانى فى هذه الحال واى رسالة ترسلها الادارة الامريكية ؟ . وكما هو متوقع كان رد الحكومة السودانية واضحا بعدم السماح بدخول المنظمات وتقديم المساعدات الانسانية , وفى ذات الوقت تتوارد الانباء عن احتدام الازمة الانسانية نتيجة لنفاد المخزون الغذائى لدى المواطنين وعدم قدرتهم على الزراعة نتيجة استمرار القتال والنداءات تتوالى للمجتمع الدولى للاستعداد لكارثة انسانية حقيقية فى القريب العاجل . فاين هى جدية الادارة الامريكية فى الضغط المباشر على الحكومة .
وبالامس القريب وفى اضافة جديدة لتناقض الادارة الامريكية فى تعاملها مع السودان ارسل اوباما رسالة الى الكونجرس لتجديد سريان " فانون حالة الطوارىء الوطنية " تجاه السودان , والذى بدأ فى 1997 تحت ادارة كلينتون وتم تجديده مرة اخرة تحت ادارة بوش فى اوج انفجار الابادة الجماعية فى دارفةر والاهتمام الدولى الذى انصب اليها , فقامت ادارة بوش عندها باضافة قوائم باسماء المتهمين بالاشتراك فى الابادة الجماعية وجمدت ارصدتهم . وتضمنت التعديلات حظر لبيع السلاح لحكومة السودانية ومليشياتها او اى متعلفات عسكرية من الولايات المتحدة او فروع شركاتها فى مكان فى العالم . وكان القرار فى 2006 بالتمديد والتعديل لقانون الطوارىء الوطنية ضد السودان يحوى اعترافا كاملا بجرائم النظام , من ابادة واغتصاب وتدمير للمجتمع فى دارفور . على النفيض تماما كان خطاب ادارة اوباما الى الكونجرس خطابا روتينيا , وشديد البرود ومتجنبا تماما اى اشارة لمستجدات لاوضاع فى السودان من حروب فى جبال النوبة ومؤخرا النيل الازرق . بل كان سبب تمديد القانون حسب رسالة اوباما للكونجرس ( استمرار الحكومة السودنية فى تشكيل تهديد كبير على امن الولايات المتحدة و سياساتها الخارجية , واستمرار التهديد عبر استمرار الصراع فى منطقة دارفور ) . وكأن كل التقارير التلى ترفعها المنظمات الانسانية والحقوقية وجلسات الاستماع التى يعقدها اعضاء الكونجرس الامريكى لم تصل الى البيت الابيض او انه يغض الطرف عنها . وهذا ما تساءل عنه الكثير من المهتمين بالوضع فى السودان والمنظمات الدولية والانسانية التى لا تنتهى دعواتها للادارة الامريكية والمجتمع لاتخاذ خطوات جدية لانهاء معاناة المواطنين فى مناطق الحروب فى السودان .
كما نشهد مؤخرا نعومة خطاب الادارة الامريكية الممثلة فى السيد : ليمان المبعوث الخاص للسودان فى التعامل مع النظام الحاكم , خاصة فى موضوع الادلة الدامغة على الابادة الجماعية التى اوردتها المنظمات الدولية وصور الاقمار الصناعية المثبتة لوجود مقابر جماعية كما اكد الخبراءفى المجال . حيث تجنب المبعوث الحديث عن الموضوع فى شهادته الاخيرة امام الكونجرس فى 4 اكتوبر الماضى . كما ان عدم تأييد الادارة الامريكية لفرض حظر جوى على السودان كما صرح السيد : ليمان للصحافة فى 15 سبتمبر الماضى , لقى ترحيبا رسميا من النظام فى السودان وذلك بعد اسبوعين من الهجوم على النيل الازرق وتشريد الاف المدنيين وقصفهم بالطائرات .
ان فرض حظر جوى فى مناطق جنوب كردفان , النيل الازرق , دارفور , يجب ان يكون مسعى رئيسى للادارة الامريكية اذا كانت جادة فى عدم تكرار الابادة التى حدثت فى دافور وحماية المدنيين , وعلى الاقل يجب ان تبدأ بخطوة اولى هى حظر قطع الغيار التى تستعمل التى تستعملها الطائرات . كما منظمة العفو الدولية كانت اصدرت نداءا للمجتمع الدولى والولايات المتحدة باتخاذ اجراءات عاجلة لحظر توريد السلاح للحكومة السودان , ودعت الى فرض عقوبات صارمة على الدول التى تمد السودان بالسلاح , خاصة روسيا , ايران , الصين . حيث ثبت حسب تقرير المنظمة الصادر فى يوليو الماضى تورط اسلحة من هذه الدول فى العنف والفتل المفرط الموجه من الحكومة السودانية تجاه المدنيين فى جنوب كردفان . ولكن هذه النداءات وغيرها لم تجد اى اذن صاغية لدى الادارة الامريكية الحالية مما دفع المحللين ومنهم البروفسور \ اريك ريفز الباحث والكاتب فى الشأن السودانى , للسخرية من ليمان , اذ قال فى امقال له بعنوان ( مالذى يحرك سياسة ادارة اوباما تجاه السودان حقيقة ؟ ) فى موقع ( سودان ريفز ) ( هل ياترة لم يقرأ ليمان التقارير الاسبوعية التى اصدرتها الامم المتحدة ومكتبها لتنسيق العمل الانسانى ؟ ولم يمر على التقارير الاخرى التى اوردها الصحفيين وموطفى الاغاثة من موقع الحدث فى السودان ) وكان هذا تعليقا على شهادة ليكان فى الكونجرس فى 4 اكتوبر حين قال ( نعتقد ان كارثة انسانية "ربما " تحدث فى السودان ) .
ان ما اوردته وثائق ويكيليكس من علاقة يمكن وصفها " بالحميمة " بين الادارة الامريكية والنظام السودانى , على مستوى الامن والمخابرات فى البلدين , يقدم كثير من الاجابات عن تساؤلات التناقض فى مواقف امريكا تجاه السودان . خاصة وان المعروف ان السياسة الخارجية الامريكية ومصالح الامن القومى الامريكى لاتحددها مبادىء الديمقراطيةوحقوق الانسان , بل تحددها بالدرجة الاولى المصالح الامنية الت يحددها مجلس الامن القومى والمخابرات , والسياسيين والمونجرس , يعملون فقط كتنفيذيين لهذه السياسات . واى مصالح غير مرتبطة بما حددته الدوائر الاستخباراتية الامريكية , لا يمكن ان تكون اولوية . وكما تبين من خلال ويكيليكس التعاون العميق بين السودان وامريكا فى مجال مكافحة الارهاب , وكما يبدو فان الامن السودانى بقيادة قوش كان يلعب دور ( الدبل ايجينت ) , فمستثمرا علاقاته الطيبة مع الاسلاميين فى العالم كان السودان اشبه بحصان طروادة لاختراق الجماعات المتطرفة . وكما حاول الترابى تسليم بن لادن فى التسعينات , واصل النظام السودانى لعب دور الجاسوس على " اخوانه فى الدين " كما يدعى !! . وزهذا التعاون لازال مستمرا حتى بعد ذهاب قوش , ففى 2 يونيو الماضى زار الخرطوم السيد \ جون برينان , المستشار الرئاسى لمكافحة الارهاب , ونائب مدير مجلس الامن القومى الامريكى . ولهذا فانه كما يتجلى ان الادارة الامريكية تضع اولويات اخرى فوق ابادة شعوب النوبة والنيل الازرق , وحتى دارفور هاهى الادارة الامريكية تدفع باتجاه ادخال الحركات التى لم تنضك الى الدوحة الى الانضممام اليها حيث دعتهم الى الاجتماع بالادارة فى واشنطن فى المنتصق الشهر الجارى . كما وان صديقا قديما للادارة الامريكية ينفض عنه الغبار هذه الايام الاوهو الصادق المهدى , والذى هو فى طريقه الى واشنطن من القاهرة . والصادق بالنسبة للولايات المتحدة هو وسيلة للابقاء على النظام الحالى فى البلاد عبر اقناعه اما بالمعارضة الناعمة او بالاشتراك فى الحكومة وهناك خيار اخر وهذا ما يجعل الصادق يهرول مسرعا الى واشنطن وهو احتمالات نشوء ثورة فى السودان على غرار الربيع العربى وبالتالى ترشح الصادق ليرأس البلاد مرة اخرى . وهذا كله فى اطار ضمان صانعى السياسة الامريكية المخابراتية الامنية لتعاون مستميت معهم من قبل من سيحكم السودان والذى يفضل ان يكون اسلاميا ليواصل لعب دور " الغواصة " للحركات الاسلامية والمتطرفة فى المنطقة . خاصة وانه مع بروز هذه الحركات الى الواجهة بعد الثورات العربية فان الحوجة لهكذا جاسوس مطيع والاهم " غير مكلف " فى المنطقة يصبح اكثر اهمية .
بينما تواصل الادارة الامريكيةويتبعها المجتمع الدولى الذى تقوده , فى تجاهل والتقليل من الاوضاع الانسانية الكارثية الحالية وليس المتوقعة والابادة الجماعية المستمرة فى جبال النوبة والنيل الازرق , تستمر الالة الحكومية العسكرية فى قصف المدنيين وقتلهم فى منازلهم وهم نائمون , وفى حين لا والت الحكومة تمنع دخول المساعدات لمناطق الحرب وتحول بين المواطنين المحتاجين والمنظمات الدولية القادرة على اغاثتهم يصدر قرار الادارة الامريكية الخالى من ذكر لهذا الوضع المأساوى او محاسبة القائمين تعليه او الضغط لتغييره . بل ان المجتمع الدولى لم ينجح الى الان فى توجيه اى ادانة للحكومة السودانية او فتح تحقيق مستقل فى الجرائم ضد الانسانية المستمرة فى مناطق الحرب . وبهذا يكون الرئيس اوبامب قد تخلى عن وعوده فى حملته الانتخابية الماضية بالضغط على السودان بما يكفى لتحسين الاوضاع . بل تتراجع الادارة الامريكية عن دورها الذى قامت به فى دافور بفعالية كبيرة و بهذ الصمت والتجاهل والتناقش فى السياست الذى تمارسه تجاه جبال النوبة والنيل والازرق . والولايات المتحدة باعتبارها الراعى الاول لاتفاقية السلام الشاملة مطالبة بمواصلة الضغط لتنفيذ بنود الاتفاقية الخاصة بالمنطقتين . ولكن يبدو ان الاتفاقية بالنسبة للادارة الامريكية لم تكن تعنى سوى جنوب السودان . ولكن لا نملك سوى نرفع ايضا اصوات الشكر للمنظمات الانسانية والطوعية الامريكية التى تعمل على رفع اصوات ابناء جبال النوبة خاصة الى الادارة الامريكيةوممارسة ضغوط عليها , كما ان التعاطف من الشعب الامريكى مع قضايا الابادة الجماعية فى جبال النوبة هى الامل فى زيادة الضغط على ممثلى الشعب الامريكى فى الكونجرس , لاصدار قرارات جديدة تلائم المعاناة والمأساة الانسانية التى يعيشها اهل جبال النوبة والنيل الازوق ودارفور . كما ان ابناء هذه المناطق فى الولايات المتحدة كضاعفة مجهوداتهم والتى اسهمت بقدر كبير فى تسليط الضوء على القضية واستقطاب الدعم السياسى والانسانى لحلها . ولا ن الولايات المتحدة تقود السياسة الدولية بصورة او باخرى فان توجه سياستها نحو السودان فى اتجاه مصالح الشعوب المظلومة , ولصالح المبادىء الانسانية التى قامت عليها الولايات المتحدة , سيلعب دور رئيسى فى توجه كامل المجتمع الدولى للضغط على النظام وحماية المدنيين وانهاء الصراع فى مناطق الحرب و ضمان حقوق المهمشين فى السودان وربما تبنى خيار تقرير المصير كما فعلت ذلك الادارة الامريكية مع جنوب السودان المستقل حديثا .
------------------------------------------------------------------------------------------------------
------------------------------------------------------------------------------------------------------
طريق الخلاص : من كاودا الى الخرطوم
12نوفمبر 2011 يوم سيذكره التاريخ بانه اللحظة التاريخية التى وحدت قوى السودان الثورية . ان اصحاب "الوجعة " الحقيقية فى السودان الذين يدفعون لعقود اغلى الاثمان لاجل نيل حريتهم وكرامتهم , ولكن كل على حدى , هاهم اليوم يدركون ان القوة فى التوحد وان العدو واحد وان الهدف واحد وان المصير فى حال الفرقة والشتات سيكون واحد , وهو الموت والابادة لشعوب السودان الاصيلة الثائرة .
ان الرهان على على تحالف الحركات المسلحة الثورية فى كاودا واكتمال الاعمدة الاساسية للتحالف بانضمام حركة العدل والمساواة , انما هو الرهان على القاعدة الثورية والقوة الجادة والحقيقية التى تدفع باتجاه التغيير الجذرى للسودان . اضافة الى ان الحركات الموقعة على الوثيقة النهائية ( للجبهة الثورية السودانية ) هى التى تخوض الان معارك فى كل انحاء السودان من اقصى الغرب الى الجنوب والجنوب الشرقى , وذلك باتجاه احكام الخناق على نظام الخرطوم . وبادراك تام للحاجة لاكمال التحالف لاجرائاته التأسيسية فى الوقت الذى تستعد فيه حكومة الخرطوم الى الهجوم الموسع على الجبهات المختلفة , فان التحالف بتعاونه العسكرى والتنسيق المشترك سيشكل القوة الضاربة الضرورية لايقاع الهزيمة بالمليشيات الحكومية المتجهة الى مناطق الحركات المسلحة . وخاصة الجبهة الاكثر اشتعالا قى جبال النوبة , والتى تشكل الان العقبة الكأداء للنظام كما انها القلعة المنيعة لقوى الثورة المسلحة والقاعدة المهمة للانطلاق نحو الخرطوم .
طوال الاشهر الماضية كانت الكتابات على صفحات المواقع الاجتماعية والاخبارية تعج بقدر لا نهائى من النقاشات حول ما سمى" بثورة الهامش " . ذلك ان القوى الثوريةوالحاملة للسلاح والتى تقاوم النظام الان بصورة معلنة وتعمل جادة على اسقاطه , هى فى مناطق السودانيين الافارقة والشعوب الاصيلة من دارفور مرورا بجبال النوبة والانقسنا وحتى البجا . والاحتجاجات الاقوى حتى على الصعيد السلمى قام بها اهل الهامش كما حدث مؤخرا فى كسلا , فى الاحتجاجت التى استمرت قرابة الاسبوعين بلا توقف . وعلى الصعيد العسكرى هاهم الثوار فى جبال النوبة يتقدمون نحو كادقلى ويكبدون النظام خسائر فادحة فى الارواح والعتاد . وهذا الوقود الثورى والمقاومة القصوى من ابناء الشعوب السودانية الاصيلة انما هى التعبير الواضح عن الرغبة الحقيقية فى التغيير الفورى والجذرى فى السودان . وهذا العمل الثورى المستمر انما هو نتيجة الظلم والعنصرية المركزية الحاكمة المدمرة وانتهاء كل انواع الصبر والتحمل لدى هذه الشعوب وابنائها وعدم قدرتهم على تأجيل مستقبلهم ونيل حقوقهم يوم واحد اخر .
وفى اثناء هذا العمل المهم الذى انتج الوثيقة النهائية لجبهة القوى الثورية , لم يغفل القادة والقواعد الحقيقة الاساسية بأن الهدف المبدئى هو تغيير السودان ككل وليس فقط نظام حكم . وهذ التغيير يبدأ الان بهذه الخطوة التاريخية التى تضع المعارضة فى المركز والقوى الاخرى الداعية للتغير فى مقعد الحقيقة , حيث ان الوثيقة لم تترك لدعاة التغيير السلمى الباب مغلقا ولا حتى مواربا بل فتحته على مصراعيه وذلك بتبنى التحالف لكل انواع الحراك السلمى والمدنى لتحقيق هذف اسقاط النظام . ولدعاة السودان الموحد والمنكرين والمخونين لابناء جبال النوبة وغيرهم الذين تعالت اصواتهم مؤخرا بالمطالبة بتقرير المصير , على هؤلاء الان التقدم لتغيير الموقف نحو السودان المتوحد والانضمام الى تحالف كاودا , ليس فقط لاجل اسقاط النظام بل لاكمال المسيرة حتى النهاية ببناء سودان حر من كافة اشكال العنصرية والتمييز الوطن المتنوع المتعدد عرقيا وثقافيا ودينيا . وهذا التحدى الماثل الان يكاد يمثل الفرصة الاخيرة للسودان للبقاء موحدا . واذا ادركت القوى الداعية للتغيير والمتبنية للسودان الموحد هذا التحدى واهمية الموقف التاريخى الان , فان السودانيين ربما بانضمام قواهم السياسية الموجودة فى المركز الى الجبهة الثورية السودانية , فانهم قد يكونون ولاول مرة فى تاريخ السودان يفتحون الباب نحو وحدة حقيقية ووطن مستقر .
كما ان الانفتاح على العمل المدنى السلمى الذى تبنته وثيقة الجبهة الثورية السودانية , يجب الا ينفى الانفتاح الضرورى بل والاستراتيجى كما يثبت الواقع اليومى , الاهمية الجوهرية للعمل العسكرى . فالتقارير الدولية منها تقرير " مجموعة الازمات الدولية " فى سبتمبر الماضى تؤكد على ان السودان يحكم بقيادة عسكرية من القوات المسلحة الغاضبة من خسارة الجنوب والمتخوفة من خسارة اجزاء اخرى , اضافة الى ما تسرب من انباء منذ يوليو الماضى عن انقلاب هادىء داخل النظام فى الخرطوم حيث سيطر بعض القيادات العسكرية على اتخاذ الخرار فى البلاد وتم ابعاد اغلب القيادات الغير عسكرية واولها نافع على نافع الذى رفضت تلك القيادات الاتفاقية التى وقعها مع الحركة الشعية فى اديس ابابا. وحسب بعض المحللين فان التعنت الحالى والاغتداءات الاخيرة على دولة جنوب السودان والتصعيد المكثف للحملات الحسكرية على الحركات المسلجة اضافة الى اللجوء الى استخدام حتى المرتزقة فى الحرب انما يقع تحت محاولات الحسم العسكرى للابقاء على السودان بخارطته الحالية وقمع كافة محاولات التغيير , والتى يدرك الحكام الحاليين فى الخرطوم انها – اى محاولات التغيير- ستكون راديكالية للغاية وستستبدل كل القوى القديمة تماما وخاصة ان قادة التغير هذه المرة هم من الاعراق التى لم تقود السودان من قبل وهى القايادات الت تقود مقامة ضد النظام منذ سنوات فبالتالى فان الحرب ضد هذا التغيير القادم بدأت شرسة كما نشهد الان وستزداد وتيرة هذا العنف فى مخطط الارض المحروقة والحرب الشاملة التى ينفذها القادة العسكريين الحاليين الذين يعلمون تماما ان لا مهرب لهم من العقاب على جرائمهم الى فى الموت , ولكنهم الان يحاولون ان يقتلوا معهم اكبر قدر ممكن من السودانيين قبل ان يموتوا . على هذا فان القوى الداعية للتغيير فى المركز يجب ان تعلم جيدا ان المقاومة الثورية يجب ان تكون مسلحة الان لحماية المدنيين اولا وتبديد طاقات هذا النظام .
الطريق من كاودا الى الخرطوم لن يكون ممهدا بل سيكون صعبا و لكن توحد قوى الثورة سيجعل الطريق اقصر بكثير . الان المقاومة المسلحة والمدنية هى الطريق للخلاص , والقوى الصادقة فى توجهها الى الثورة الحقيقية والجذرية والشباب الذى يحلم بمستقبل افضل وبلا حروب , يشكلون القوة الدافعة للتحرك نحو الامام وانهاء معاناة ملايين السودانيين والسودانيات باعراقهم المختلفة وفتح صفحة جديدة فى تاريخ هذا الشعب يجلس فيها للحوار بحرية حول مصيره و خياراته ومستقبله بعد اقتلاع اَلة القتل المسماة نظام الانقاذ . وللوصول لهذا الهدف يجب ان نحمل جميعا اسلحتنا على مختلف انواعها من القلم والكلمة والصورة والى البندقية , وكما حدث قريبا فى ليبيا ربما نحمل جميعا بنادقنا الى جانب اسلحتنا الاخرى فى معركة واحدة فى الطريق الى الخلاص .
-------------------------------------------------------------------------------------------------------
الانتفاشة الكبيرة : نافع وتحالف كاودا واحتمال 1% !!
صرح نائب رئيس المؤتمر الوطنى المهووس بتحالف كاودا لصحيفة الاحداث فى عدد الاحد 23 اكتوبر , وحسب ما قالت الصحيفة فقد : ( دعا نافع لدى مخاطبته أمس مؤتمر القطاع السياسي للمؤتمر الوطني ولاية الخرطوم لعدم الاستهانة بما أسماها ( الانتفاشة الكبيرة) وأن تأخذ مأخذ الجد مؤكدا معرفة الوطني لما بالتحالف من هوان وضعف، مبينا أنه حتى و لو كانت هناك فرصة نجاح بنسبة 1% من الذي يدعون له فإن الوطني لن يغامر بنسبة 1% منوها إلى أن تحالف كاودا بعد أن زالت أسلحته الإقليمية لن يستطيع فعل شيء) . ترى لماذا اذا يخشى نافع ال1% الذين زالت اسلحتهم , كما ادعى , ولا يحميهم الغرب المشغول بازمته الاقتصادية عن توافه الامور كتحالف كاودا ؟! ولماذا ياترى لن يغامر المؤتمر النافعى بهذه النسبة التى تكاد تكون الاكثر طبيعية فى الاقدام على اكثر القرارت بساطة التى يتخذها الفرد ناهيك عن الحكومة , فهناك دائما احتمال 1% ان تصحو فى احد الايام و تكسب اللوترى او تدهسك سيارة فى الطريق الى عملك , ولكن لا احد ا يأخذ هذه الاحتمالات فى الاعتبار عند خروجه من منزله , الا المرضى بالهوس القسرى الحااد .
ان هذا " النافخ " على جميع القرب المقدودة , لا يحتمل ولو حتى احتمال 1% ان ينتزع من السلطة والتصريحات التى ادمنها والجاه الذى اغتصبه , والادهى والامر ان يكون من ينتزع تلك السلطة منه هؤلاء المتمردين والمهمشين الذين لا يحق لهم عنده ان يكونوا هم الحكام او ينزعوه عن مكانه . وهو فى غمرة نفخته باصوله المستعربة واسلامويته الملوثة ونقائه العرقى المتوهم وسلطته المسروقة , انما ينفش من يظن انهم يعتقدون مثله فى الحق الالهى للعرق المستعرب والثقافة المتأسلمة فى السيطرة الابدية لهم على السودان . ينتفضون وقت يشاؤون وكيفما يحلو لهم ويسقطون من يريدون ويولون من يريدون فهم " اسياد البلد " وهم " الاشراف " وهم " اهل الطريق " وهم " فرسان الحوبة ومحررى الخرطوم " . ومن سواهم ممن سكن الجبال العالية واحتمى بالكراكير الباردة واستظل بالرواكيب الواهية والغابات الموحشة , من اهالى السودان المقصوفة رقابهم والمقصوفة قراهم والمقصوفة حتى التلاشى كرامتهم , لا حق لهم لا فى السلطة ولا فى الثورة - اما الثروة فتتبع السلطة كما تعلمون !! .
ان ما يمثله تحالف كاودا لهذا " النافخ فى الكير " محاولا ايقاد الفتن والنار التى لا تنظفىء حتى تحرق اخضر ويابس هذا الوطن , فله ولامثاله من المتوهمين فان تحالف كاودا هو الطوفان العظيم الذى اذا تحرك لن يترك خلفه احدا من امثالهم , ولكنهم ولانهم يعرفون نهايتهم الوشيكة يحاولون ان يجعلوا كل السودانيين من المناطق التى لا تدور فيها الحرب فى الشمال الجغرافى والسياسى , يحاولون ان يكسبونهم الى جانبهم حتى يطول القتال ويطول بقائهم فى السلطة , ولكن ما فات على نافع ان من يدعوهم الى استعداء تحالف كاودا وعدم الاستهانة به من ما ظنهم حلفاء صامتين كانوا وللمفاجأة اول من يرفع صوته برفض نظامه , بل والحراك القوى الرامى لاسقاط هذا النظام وليس حمايته كما توقع نافع . فهو ونظامه لم يتركو مكانا فى السودان الا وغشيته ايديهم المدمرة المسعورة وهاهم فى الحامداب رأس مثلث حمدى السلطوى , وفى كسلا والقضارف والعبيدية , كانو هم من هتف باسقاط النظام , وحتى الاحزاب التقليدية المتفقة علنا وخفية مع اهداف النظام الكلية , الاتحادى والامة تتوالى احتجاجات الشباب فيها , على القيادات وتصدر يوميا البيانات المستفلة بالشباب الذى يعلن توحده لاسقاط النظام .
ما يتوارد يوميا فى الصحف من تصريحات متضاربة حول المشاركة ونفى المشاركة والاحتجاج على المشاركة , من الاحزاب التقليدية مع النظام , تواجه برد عنيف من الجماهير الرافضة للتغييرات السطحية والتضميدات الوقتية لجراح الوطن الشديدة العمق . وعلى الرغم من عدم التوجه من تلك الجماهير لدعم اخوانهم فى مناطق الحروب او انضمام الشباب لجبهات القتال ضد النظام كما حدث فى ليبيا , وذلك تحت شعار العمل السلمى لاسقاط النظام الا ان هذا الحراك سيؤدى فى النهاية لالتقاء اطراف الطوفان الذى يحاصر هذا النظام الان .
لقد اوضح الشباب السودانى فى كل الاحزاب والتنظيمات السياسية , هدفه الواضح وهو اسقاط النظام وكما دعا تحالف كاودا فان القوى فى السودان كله يجب ان تتحرك بما تملك وما تستطيع ان كان تحركا سلميا او مسلحا , للتخلص من هذا العدو المشترك .ولكن ما يشد الانتباه هو الوعى الشبابى المتزايد بوجوب التغيير الجذرى , حتى ولو ادى الامر الى الانتفاض على القيادات التقليدية والتاريخية فى كل التنظيمات السياسية , ذلك ان ما تحمله احلام وتطلعات هذا الشعب الشاب تتعدى الرغبات المتحجرة فى السلطة والمتمسكة بالتمايز العرقى الزائف الذى قسم الوطن واحرق ابنائه بالظلم والتفرقة العنصرية والطبقية , وبالتالى فكما هو واضح ان شباب الاحزاب التقليدية يقومون بثورتهم الخاصة على قياداتهم فى الوقت الراهن ويثبتون حقهم فى مستقبل يصنعونه بارادتهم . كما ان هتافات شباب الاتحاديين قبل عدة ايام ( لا وفاق مع النفاق ) تحسم الخيار نحو المواجهة الواضحة مع القيادات التى تقاتل الان حروبا مزدوجة لكسب جماهيرها والحفاظ على مكانتها وعدم خسران مكاسبها التاريخية التى لم تتنافس بعدالة لتحصل عليها او لتحتفظ لعقود بحكم السودان والسيطرة على موارده و مصير شعبه .
السودانيون الان وخاصة الشباب يبدو انهم يعون خياراتهم وانهم لن يغمضوا اعينهم عن الصفقات التى تتم من اجل بيع الوطن تحت التربيزة للمرة الالف بين نفس البائعين والشارين فى حالة تبادل فى الادوار بين معارضة وحكومة , وان الشباب الان يقف حاميا لحقه فى الحياة الكريمة حيث لا يضطر ان يعرف نفسه بدارفور الابادة الجماعية او شرق المجاعة او جبال النوبة المقصوفة يوميا او النيل الازرق الخالى من اهله , او الشمال القاحل من البشر والزرع . وعلى نافع ان يخشى ال1% الذى سيصبح قريبا ال 100% لاسقاط النظام واعادة بناء السودان وهذه هى " الانتفاشة الكبيرة " من 1% الى 100% لاسقاط نظام الظلم والقتل.
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
عب وللا ود بلد ؟؟
( روى لى احد الاصدقاء من "اولاد البلد" ان جدته كانت تشاهد اوباما فى التلفزيون فقالت له " انتو مالكن تقولو الراجل زنجى مو ياهو سمح يشبه ولاد البلد ماهو عب ولا شى )
قصة هذه الحبوبة تعبر عن ما نعيشه يوميا فى السودان من حالة التقييم للمواطنية فى هذا البلد ومكانة كل فرد فيها منقسمة تماما عبر هذا التصنيف البسيط والاكثر حقيقية على الاطلاق . فالامر لا ينتهى عند مجرد تعبير عن فروقات ما بين البشر بل هو تعبير عن مصائر هؤلاء البشر عن قصة حياتهم وعن وجودهم فى الاساس .
فان تكون ود بلد يعنى ان تتمتع بالحقوق جميعا ليس فى المواطنه الكاملة ولكن فى السودان فى الانسانية الكاملة ايضا , فود البلد يرث البلد عن ابيه وبالتالى هى ملكه ومافيها و" من فيها " ممن هم ليسوا باولاد بلد وبالتالى هم ملك ود البلد فهم عبيده وهكذا كانت القسمة ليست الالاهية بل السودانية . البلد الذى ينتمى اليه هؤلاء الاولاد هو ايضا مقسم فليس كل البلد هى البلد وبالتالى ليس جميع اولادها هم اولاد بلد وهذا اطار اخر للقسمة ادت الى قسمة الوطن حقيقة وليس على مستوى المجاز فقط . فما هو تحت كامل سيطرة اولاد البلد من ارض تاريخيا وسكنه اهلهم فى الخمسة قرون الماضية هو البلد , اما الاراضى التى يذهبون اليها فقط بغرض التجارة والنهب وجلب العبيد فليست يالتأكيد البلد فلا احد ينهب بلاده ولا يستعبد اخوته . اما من هم اولاد البلد لمن يقرأهذا المقال ممن لا يعرفون السودان , فهم سكان السودان المستعرب الشمالى القاطنين بوسط السودان وشماله الجغرافى و المسيطرين على الموارد , الحكم , و السلطة .
اولاد البلد والمواجهة :
ان مو اجهة او لاد البلد الذين يتم اعادة انتاجهم بوتيرة مستمرة فى السودان لازمة وجودهم المتوارث من ابائهم وحتمية تغيير هذه الوضعية الامتيازية لصالح المواطنة العادلة وليس لصالح العبيد كما يخشى اولاد البلد تحعل موقفهم الان فى حالة اعادة تشكيل ضروريه . ولكن الواضح الان ان هذه المواجهة مع الذات اولا ثم مع الاخر تصيب اولاد العرب برعب شديد يؤدة بهم الى الان ارتكاب اخطاء جسيمة سيكون ثمنها غاليا جدا عيهم وعلى بقية السودان . حيث ان الموقف الحالى لما يسمى بالقوى الوطنية وخاصة تلك " الحديثة " منها فى ظل تحديات الوطن الماثلة من حروب وتطهير عرقى وبالمقابل مقاومة جسورة من اهل مناطق الحرب المختلفة , هى مواقف اقل ما توصف به بالخجولة والجبانة , بالمقارنة بالخطاب الثورى الذى تفىض به صفحات الانترنت . فاين هم من التضحيات الحقيقية بالروح والمال والوقت فى اضعف الايمان مع من يدافعون عن حقهم فى وطن يحترمهم وحق وطنهم فى ان يقاوم الانهيار . بل يزال اللعب باللغة و الادانات الممجوجة والاوهام القديمة بان الاوضاع ستتغير ولكن كما كانت تتغير دائما فى اتجاه واحد وهو اتجاه تمكين اولاد البلد من السيطرة ربما بوجوه جديدة ولكن بنفس القوانين القديمة التى تبقى اولاد البلد فى موافعهم المعتادة . هذا الوهم والعيش فى الماضى ورفض مواجهة الحاضر بشروطه الواقعية انما يزيد من احتمالات تفجر المواجهة الذاتية الى مواجهة دموية مع الاخر الذى لا يقبل شروط الماضى ولا يقبل ايضا الا بالتغيير النهائى الذى يحدث فعليا الان .
" العب " الحر :
ان المقيمين فى "البلد" اى السودان الشمالى المركزى من العبيد اى السودانيين من مناطق الصراع مع المركز حول الحرية والمواطنه والموارد والسلطة , هم الان فى تحدى وجود مصيرى , اذ انهم موجهون باصرار اولاد البلد وبالتحديد الكيزان على السيطرة على الدولة السودانية ثقافة ولغة واقتصادا وسلطة وفعل ذلك بالقوة مع استعداد تام لمحو الاخر من الوجود بابادته عرقيا . والتحدى هذا يزداد فى تعقيده بالنسبة للمقيمين فى الشمال من العرقيات الاصلية المتصلين بجذورهم منهم والمنبتين عنها باعادة الصلة مع المناطق التى تحارب من اجل الحرية , هذه الصلات التى تقطعت لظروف الاستعباد او النزوح القسرى او الطوعى بسبب الحروب او المجاعات المصطنعة , والتى حولتهم الى عمالة رخيصة و خدم منازل و اجبرتهم اوضاعهم الاقتصادية الغير انسانية بالقبول باقل سبل العيش احتراما لكرامة الانسان , وفى ظل هذه الاوضاع الصعبة كانت هناك قصص مقاومة لهذا الوضع ومحاولات امدماج فى المجتمع بشروط قاسية وايضا احيانا ارتباط بالمكان ومركز السلطة و مصالح الوجود فى ظلها لفترات طويلة ولكن الان على هؤلاء اتخاذ قرارات شجاعة فى اتجاه مصالحهم الاستراتيجية والقيام بدورهم فى عملية التغيير الحالى بالتحالف واثبات مواقف مغايرة لموقف المركز واثبات ان الوعى المكتسب من تجربة العيش تحت ظل الظلم لم تحولهم الى متماهين راضين بالقليل الذى يرمى من اطراف موائد اولاد البلد .
-----------------------------------------------------------------------------------------------
جبال النوبة : حروب التطهير الحتمى
بقلم : عثمان نواى
ان ما تشهده منطقة جبال النوبة / جنوب كردفان منذ اكثر من شهرين الان ، هو درجة قصوى من حرب التطهير العرقى التى يمارسها نظام الحكم فى السودان . وهذه الحرب التطهيرية تتخذ اشكال متنوعة عبر ممارسات نظام الخرطوم ، ليس فقط من خلال العمليات القتالية التى شملت بالطبع كافة اشكال جرائم الحرب ، من قصف للمدنيين وحرق للقرى والمدن واعتقال واغتيال المواطنين العزل على اساس العرق والانتماء السياسى , ولكن ممارسات النظام الحاكم فى عملية التطهير هى اكثر شمولا واتساعا من مجرد عمليات عسكرية ينفذها مليشيات النظام ، بل شملت منظومة سياسية ، اقتصادية ، اجتماعية وثقافية متكاملة تخوض حرب تطهيرية واسعة ضد كل ماهو غير عربى او اسلاموى بشروط صارمة لم يبتدعها النظام الحالى بل توارث معظمها من العقد الاجتماعى الغير معلن فى الخرطوم ، بين كافة القوى السياسية و الوطنية فى البلاد التى وصلت الى الحكم او التى لم تصل اليه بعد ، بما فى ذلك الاحزاب المعارضة كما تدعو نفسها ، وبين المجموعات المستعربة من السودانين الشماليين .
هذا العقد فى مجمله هو اتفاق على نظام حكم يضمن السيطرة الكاملة للسودانيين المستعربين على حكم كل السودانيين الاخرين ، و ليس فقط حكمهم بل ايضا التأكد من ابادة اى قدرة لدى السودانيين الافارقة " السود" للوصول يوما الى حكم السودان او السيطرة عليه . غير ان ادارة وطن كالسودان فى احسن احواله هى عملية شديدة الصعوبة والتعقيد ، نسبة للتنوع الهائل الاثنى ، الثقافى والجغرافى . اما ادارة هذا الوطن بعقلية وارادة أحادية التوجه فى اابسط الحالات ان لم تكن عنصرية ، فهى كارثة حقيقية ، دفع ثمنها ولا زال "الوطن " الذ ى انقسم فعلا وربما فى طريقه الى التفتت .
ان عملية التطهير لثقافة ووجود شعوب بأكملها وتلوين الوطن بلون واحد هى محاولة اثبتت فشلها فى كل انحاء العالم . ذلك ان ان فكرة التطهير عندما لا تتخذ شكلها العنيف ، وهنا اقصد الابادة اى قتل افراد مجتمع معين وانهاء وجوده فيزيائيا ، عندما لا تتخذ هذا الشكل فانها تتخذ اشكالا اخرى مثل ما كان يحدث فى السودان قبل الانقاذ . فقد كانت محاولة انظمة الحكم فى الخرطوم منحصرة فى كبت وتجاهل او ما اصطلح علي تسميته "تهميش " الشعوب السودانية الافريقية ، ثقافيا واقتصاديا وسياسيا بالطبع .
هذه العملية ادت الى نتائج قد تكون متضاربة ، فلدى فئة من هذه الشعوب ادت عملية التهميش المنظم تلك الى اذابتها فى منظومة المجتمع الشمالى ثقافيا على الاقل ، وذلك عبر الخضوع للشروط الاجتماعية الاقصائية فى اغلبها . وفى المقابل كان هناك مجموعات تمسكت بالهوية والثقافة والحقوق الاساسية مما ادى الى حركة مقاومة منظمة ومسلحة ايضا معبرة عن رفضها لذلك التهميش والظلم باقصى درجات الرفض الممكنة وهى المقاومة العسكرية . لكن حتى المجموعات التى لم تنضم علنا الى المقاومة العسكرية هى ايضا كانت تبلور اشكال مختلفة للرفض والمقاومة للعنصرية والتهميش وكان ابرز اشكال هذه المقاومة هو الاتجاه نحو التعليم كوسيلة لتطوير الوعى بالقضايا وتقوية ادوات المقاومة .
ان نتيجة محاولات التطهير الثقافى عبر ال50 عاما الماضية كانت انتاج وعى متطور بالحقوق ادى فى نهايته كما حدث للجنوبيين لصناعة وطن مستقل . وكما يبدو الان ان الشعوب الافريقية الاخرى فى السودان وخاصة شعب جبال النوبة قد بدأت للتو عملية تطهير مضادة لتلك العملية القديمة فكرا وعملا .
هذا التطهير المضاد هو حتمى تماما , حيث يهدف الى تغيير تلك المفاهيم والمبادىء التى حكم بها السودان فى ال500 عام الاخيرة وليس فقط نظام الانقاذ . حيث ينتهى ذلك العقد الاجتماعى الغير معلن ويبدأ عقد جديد شديد الوضوح فى رؤيته للسودان كوطن ينبنى على المساواة والحرية و الديمقراطية لجميع السودانيين دون تمييز عرقى ، اقتصادى او ثقافى .
من الواضح الان ان حرب التطهير من العنصرية والتمييزو الحكم الاحادى هذه يقودها ويخوضها ابناء جبال النوبة وتنضم اليهم باتفاقات متتالية الحركات الدارفورية كما حدث مع حركة العدل والمساواة ومؤخرا حركة تحرير السودان ، الامر الذى يعنى اعادة صياغة كاملة للتحالفات السياسية التى تسعى للحكم فى السودان . فابناء " الهامش" الان يتوحدون فى اتجاه مصالحهم المشتركة فى بناء وطن يحمى الانسان وكرامته وحقوقه الاساسية .
ان ما تقوم به القوى السياسية فى المركز خاصة المعارضة هى لعبة شديدة الخطورة خاصة ان مواقفها التى لا تعبر عن توجه معين وقوى نحو تغيير جذرى لنظام حكم السودان ، هو ناتج عن ذلك الاتفاق الصامت مع النظام فى الخرطوم ، ربما ليس فيما يفعله من جرائم ضد الانسانية ظاهرة للعالم ، ولكن فى الرؤية الاستراتيجية لمستقبل السودان الذى فى نظرهم يجب ان يبقى تحت سيطرتهم فى لعبة الكراسى هذه حيث يتبادلون الحكم فيما بينهم معارضة وحكومة منذ الاستقلال . لكن ما يغيب عنهم ان الوضع شديد الاختلاف الان عما كان عليه فى السنوات الفائتة والتجارب الماضية . فكما عبر عبد العزيز الحلو فى تسجل صوتى له مؤخرا ، حيث وجه نداءا لشباب السودان مخاطبا اياهم ( بملاك السودان الجديد وملاك المستقبل ) , وهذا خطاب حقيقى فى جوانب كثيرة ، فان الاجيال الجديدة من الشباب تراهن على سودان مختلف تماما عن ما هو قائم وما يقاتل المؤتمر الوطنى ومعارضته للحفاظ عليه و "تمكينه" ليورث لهذه الاجيال الشابة . غير ان هذا وطن لا يلبى طموحات هذه الاجيال فى الحرية وزيادة مساحات التواصل مع الاخر ، فى عالم يزداد صغرا وقبول اى اخر من اى مكان بات من المسلمات الى حد كبير . هذا شباب يغنى الراب ويتعلم لهجات قبائله الاصلية فى ذات الوقت ، حيث تصبح الهوية الثقافية هى وسيلة تميز لا تمييز ، لان الفضاء مفتوح للتبادل الحر والرؤية الحقيقية للاخر وليس عبر تصورات وبورتيرهات مشوهة وعنصرية . ان الاحتكاك الان اكثر حقيقية حيث يسمح لنا الفضاء الالكترونى بالالتقاء دون حواجز عرقية وثقافية موجودة فقط فى ذهنيات تتجه لنهاياتها الحتمية .
ان حتمية التطهير من النظام البائد فى الخرطوم والذى مارس اقصى ما يستطيع من العنف والترويع واستنفد كافة خياراته السياسية وحتى العسكرية والاقتصادية ، كما يواجه ضغطا متزايدا من المجتمع الدولى حيث وضع القرار الاخير لمجلس الامن حول تمديد بعثة الامم المتحدة بدارفور ، وضع السودان تحت الولاية الكاملة للقوات الدولية والامم المتحدة تحت الفصل السابع , وبالتالى فان سقوط هذا النظام اصبح مسألة وقت تماما . ولكن عملية تطهير البلاد من العنصرية وخيارات الانفراد بالحكم وتكوين نظام متعدد وحديث ومنفتح والاهم مبنى على القيم الانسانية العليا من حرية وعدالة ومساواة وامن ، هو ما يجب ان تلتف حوله كل القوى الوطنية الحقيقية المتطلعة نحو المستقبل وان تقوم بهذا الدور التاريخى الذى يقرر مصير البلاد ، فاما وطن حقيقى يسع الجميع او تفتت وانهيار .
مايقوم به شعب جبال النوبة الان من تضحيات بافضل شبابه ومن شرد من نسائه واطفاله من اجل مستقبل افضل ووطن مستقر هو ما يجعل تلك التضحيات وتلك الارواح التى ذهبت هى دين فى اعناق كل السودانيين الاحرار لا يقبل السداد الا بوطن حر ، خالى من العنصرية والظلم ومتطلع للمستقل .
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
الجيش يقتل الشعب بالنار والاسعار !!
العسكرية " تصرف " ! :
ميزانية السودان المخصصة للدفاع و الامن لهذا العام حسب بعض التقديرات تساوى 2.5 الى 3 مليار دولار وهو ما يمثل اكثر من 20% من ميزانية البلاد " الغير معلنه " هذا العام والمقدرة ب 10 مليار دولار الى 13 مليار . هذا اضافة الى ما تسرب فى الايام الماضية من امتلاك الجيش لعدد كبير من الشركات والمؤسسات الاقتصادية المسيطرة على موارد البلاد فى مجالات النفط والمقاولات والبنوك والمطاحن كما سربت ويكيليكس . هذا ما يجعل الدفاع يتولى التحكم الكامل فى موارد البلاد الاقتصادية لما يتجاوز ال70 % من حجم الموازنه اضافة الى ان الدولة لها ميزانية مفتوحة للجيش خاصة فى حالة الحرب وحتى ماقبل الحرب , ففى السودان العسكرية " تصرف وتتجدع " قبل ان " تتصرف " او تقوم بدورها المفترض فى حماية الوطن والشعب . حيث خصصت الحكومة 121 مليار جنيه لاعادة تأهيل مبانى وزارة الدفاع , فى حين تخصص للتعليم 31مليار !! . وفى الوقت الذى تزيد ميزانية الدفاع عن العام الماضى باكثر من 25% فان البلاد تمر بالضائقة الاقتصادية الاسوأ فى تاريخها , اذ بلغ التضخم اكثر من 30% بمعدل ثابت منذ يناير حسب الاقتصاديين . اذن الحكومة التى لم تعلن عن ميزانيتها هذا العام وذلك كما يبدو لانها غير قابلة للتنبؤ والتقدير كما انها ميزانية حرب مفتوحة , حيث قالت مجلة " ورلد تريبيون - 17 سبتمبر 2010" ( الحكومة السودانية وضعت زيادة فى موازنتها للدفاع تبدأ فى 2011 لتصل الى 2.44مليار دولار فى استعداد لحرب اهلية مع الجنوب ) قد تكون المجلة تقصد جنوب السودان الذى لم يكن انفصل حينها الا ان الحكومة السودانية افتعلت حربا اهلية مع الجنوب الجديد , وهذا ما يوضح نيتها المبيته للحرب فى كل الاحوال وجاهزيتها لها .
لماذا يقتل الجيش الشعب ؟
ترأس اول سودانى الجيش فى اغسطس 1954 وبعد عام واحد وفى 18 اغسطس 1955 بدأت الحرب الاهلية الاولى فى الجنوب والتى كانت نتيجة لاحداث توريت التى على اثرها تمردت فرقة من ما كان يسمى قوة دفاع السودان وقتها وتحولت الى انانيا "1" والتى خاضت حربا ضد المركز حتى 1972 حيث نجح الجيش فى نزع السلطة للمرة الثانية ووقع اتفاقا للسلام لم يدم لاكثر من 9 سنوات لتبدأ الحرب مرة اخرى وفى ظل حكم الجيش والرئيس نفسه الذى وقع الاتفاقية لتبدا حرب اخرى لا تنتهى الا باتفاق اخر ومع حكومة الجيش ايضا التى استولت على الحكم فى 1989 بعد فاصل ديمقراطى دام 3 سنوات .
الجيش السودانى الذى له تاريخ مشرف ما قبل الاستقلال حيث شارك فى الحرب العالمية الثانية وشارك فى حرب فلسطين 1948لا انه ومنذ استلام السودانيين لحكم انفسهم والجيش يلعب لعبة السياسة اكثر من اى مؤسسة اخرى فى السودان . حتى الاحزاب والقبائل والطوائف الدينية لم تسهم فى مصير السودان بقدر الجيش . والناظر للامر يجد ان الجيش السودانى اخذ على عاتقه حكم وتوجيه مصيرالسودان . والجيش السودانى الذى بدأ ب5000 الف جندى وصل اليوم الى قرابة المائة الف اضافة الى الدفاع الشعبى الذى يصل الى 10 الف مجند واكثر من 80 الف احتياطى , هذا يضع الجيش فى المرتبة الثانية افريقيا بعد الجيش المصرى وهذا لخبرته فى الحروب التى خاضها لاكثر من نصف قرن "ضد شعبه " على عكس الجيش المصرى الذى دافع عن شعبه ضد احدى اقوى الجيوش فى العالم الجيش الاسرائيلى , لكن التشابه بين الجيش السودانى والمصرى يتجلى فى السيطرة السياسية على حكم كلا البلدين لاكثر من 50 عاما.
ان سيطرة الجيش على حكم السودان ادت الى النزوع الى العنف فى حل مشاكل البلاد الشديدة التعقيد والتى ادت ,نتيجة لقصر نظر الحكام العسكريين ودكتاتوريتهم , الى حلول ازمت الاوضاع واضطرت السودانيين المظلومين للجوء لحمل السلاح باعتباره اللغة الوحيدة التى يمكن التفاهم بها مع العسكر . هذا اضافة الى التكوين الاثنى لقيادة الجيش الذى كان معبرا بالكامل عن ازمة المركزية العرقية فى السودان حيث انه وعلى الرغم من ان الجنود كانو من مناطق مختلفة من السودان الا ان الجيش ظل مؤسسة تمارس التمييز العنصرى بامتياز وبصورة تكاد تكون معلنه فنظام التوصية فى الدخول الى الكلية الحربية كان يعنى ان العرقيات المسيطرة تاريخيا وسياسيا فقط هى التى سيصبح ابنائها ضباطا لان الاهلية ليست بالقدرات بل من اين انت ومن تعرف من اهل السلطة الاقتصادية والسياسية والتى ظلت محتكرة من قبل اعراق المستعربين ل200 عام الماضية كما ارخت دولة جنوب السودان لبداية معاناتها من الظلم والتمييز بدخول محمد على باشا باحثا عن العبيد فى 1821.
لهذا كان الجيش ينظر لنفسه الحاكم الاوحد للبلاد والحامى لتلك التركيبة الاجتماعية العنصرية التى تسمح لقياداته ان يحكموا السودان باكمله ويقودوه نحو السيطرة الاحادية ثقافيا واجتماعيا تحت الثقافة التى ينتمون اليها . ذلك ان القائد العسكرى لا يفهم التنوع والتعدد وان الدول لا تبنى بصفا انتباه , كما ان التعدد يعنى الديمقراطية وهى الممارسة المحرمة للجيوش فالاوامر تطاع ولا تناقش . ولهذا وجد الجيش نفسه امام من يقاومون ويقولون لا فاستعمل الاداة الوحيدة التى يجيد استخدامها " السلاح" وبدأ اطلاق النار فى توريت 1955 على الشعب السودانى ولم يتوقف الى الان .
هل يسقط الجيش مع النظام ؟ :
الجيش والنظام الان فى حالة تطابق تام , وتتوحد ايضا الاهداف والغايات لدى الجيش الذى يعتقد بانه يحمى الوطن , لكنه يحميه من ابناؤه وليس الضالين كما يعلن النظام بل الشديدى الحرص على اهلهم وهذا الوطن وهذا ما يعلمه الجيش جيدا لانه هو الذى يواجهم فى الميدان . لكن الجيش يقاتل الان بعقيدة قتالية هدفها الوحيد هو حماية المركزية العنصرية التى تسيطر على البلاد والجيش ايضا . لذا هذه المرة فان التغيير الذى سيحدث فى السودان يضع الجيش السودانى فى مواجهة مباشرة مع الشعب السودانى , سواء كان ذلك عبر العمل المسلح لاسقاط النظام او العمل السلمى . ذلك ان النظام سيحاول كبح وتحجيم والقضاء على الحراك الجماهيرى السلمى باسرع ما يمكن وتسديد ضربات قويه واستباقية كما يستعمل لذلك الاجهزة الامنية والشرطة حتى الان , الا ان الجيش ربما يتدخل ضد الحراك السلمى ايضا هذه المرة , اذ ان العنف المفرط و الضربات الاستباقية لتحرك المقاومة المسلحة لاسقاط النظام كما حدث فى النيل الازوق وقبلها جنوب كردفان هو مؤشر خطير على مدى تورط الجيش هذه المرة فى القضاء على ما يهدد بقاء النظام . وتتحول عقيدة الجيش بصورة واضحة لحماية النظام باعتباره القلعة الاخير ة التى تصد النهاية عن النظام المركزى العنصرى الذى تكون على اساسه الجيش والذى حكم تحت غطائه والذى يضمن لمؤسسة الجيش الحكم الفعلى والسيطرة على السلطة والقوة , ولهذا كان الجيش السودانى هو المؤسسة المنظمة التى حافظت على السلطة فى ايدى النظام العنصرى المركزى ومن خلفه من القوى العرقية المستفيدة منه من السودانيين المستعربين , الذين فشلوا فى تكوين اى مؤسسات مدنية كالاحزاب و قوى المجتمع المدنى الاخرى لاستبدال سيطرة الجيش كصمام امان يضمن احتكارهم للسلطة والثروة فى السودان .
لذا الجيش الذى يشهد عصيان دائم للاوامر من افراده المنتمين لمناطق الصراع , خاصة من الاثنيات التى تباد ويوجه اليها العنف المكثف من السودانيين الافارقة , وايضا تململا من الاوضاع الاقتصاديه والفساد داخل وخارج المؤسسة يجعل فرص اضعافه او حدوث انشقاقت كبيرة ممكنه فى حال تطور مقاومة النظام ولكن من سيبقى للدفاع عن النظام من الجيش , سيسقطون حتما معه , خاصة ان الجيش ما عاد موحدا فهو مكون من مليشيات شديدة الموالاة واخرى غير موالية للنظام وهذا تقسيم عرقى بالدرجة الاولى . على كل فان سقوط دولة المركزية العرقية سيسقط معها حاميها العسكرى ومليشياته الامنية الاخرى , لهذا فلا يحدثنا احد عن حياد الجيش ومهامه الوطنية المقدسة فهو ليس سوى الذراع الاقدم والاطول خبرة فى قتل الشعب السودانى فى حروب كان يمكن ان الا تبدأ وان بدأت ان تنتهى فى وقت اقصر بكثير . ولهذا يتحمل الجيش السودانى كثيرا من وزر ما وصلت اليه البللاد من تقسيم وتدهور امنى واقتصادى . وهو الجيش الذى يتعايش مع وجود قرابة 20 الف جندى اجنبى ليحموا الشعب من جيشه , الجيش الذى على كراسى الحكم والذى على الدبابات على حد سواء . والذى مؤخرا اصبح فى السوق ايضا يخوض الحروب على حساب قوت الشعب ويسيطر على موارد البلاد الاقتصادية وترتفع الاسعار بسبب العجز الناتج عن الصرف على الجيش وحروبه , التى يقتل فيها الشعب فى الاطراف بالنار و يقتل الشعب فى المركز بالاسعار .
-------------------------------------------------------------------------------------------------
دولة السودان الوسطى : استقلال الشعوب الافريقية من السودان الشمالى مشروع
عثمان نواي
ان مساحة جبال النوبة- جنوب كردفان المساوية لمساحة استكلندا اضافة الى مساحة دارفور المساوية لمساحة فرنسا اضافة الى النيل الازرق الذى تبلغ مساحته 8.08 مليون فدان . وتمثل هذه المناطق مجتمعة اكثر من 40% من مساحة السودان الشمالى . ولكن الاهمية القصوى لهذه المناطق المذكورة انها مناطق تركز الموارد الاقتصادية الحقيقة فى السودان الشمالى , من نفط ومعادن واراضى زراعية شديدة الخصوبة اضافة الى الكثافة السكانية حيث يقطن المناطق مجتمعة حوالى 9مليون نسمة , اضافة الى الغنى الثقافى والتاريخى والتنوع البيئى والاحيائى والمناطق السياحية الخلابة . ولكن على الرغم من هذا الغنى الاقتصادى والبشرى والطبيعى عانت ولازالت هذه المناطق تعانى من الفقر والحروب والابادة الجماعية مؤخرا , من قبل الدولة المركزية الحاكمة فى الخرطوم منذ قيام الدولة السودانية الحديثة .
تمت عملية الابادة الجارية للسودانيين الافارقة الذين يشكلون المكون الاساسى لتركيبة هذه المناطق , عبر القرنين الماضيين منذ دخول محمد على باشا , وبداية تجارة العبيد التى انتهزها اهل القبائل المستعربة فى الشمال النيلى لتكوين ثرواتهم والتى كانت الاساس لعملية السيطرة والاتجار بثروات هذه المناطق من بشر وذهب وماشية . ورغم المشاركة القوية لاهالى السودان الغربى الافارقة الا ان دورهم فى الثورة المهدية التى حررت السودان من الاتراك لم تذكره كتب التاريخ السودانى بحجمه الحقيقي , كما ان تضحيات شعب جبال النوبة مع المهدية لم تؤدى الا الى مزيد من التنكيل بهم واستغلالهم . كما ان العرب " الاشراف" فى امدرمان من اهل المهدى لم يقبلوا سيادة اولاد الغرب على الدولة المهدية وكانت الخلافات مستمرة حتى نهاية الدولة المهدية . اما ممارسات الحكام الورثة للاستعمار الانجليزى فكانت امتدادا لسياسات التمييزوالعنصرية بل كرست لها عبر تأسيس الدولة السودانية المعاصرة على اسس العنصرية العرقية تجاه السودانيين الافارقة .
ان هذا الرجوع الى الماضى لايقودنا الا الى الحاضر حيث ما اشبه اليوم بالامس بالنسبة للدولة السودانية المركزية التى تزداد عنصرية على مدار الساعة , حيث تستمر اَلة القتل لديها فى ابادة شعوب السودان الافريقية , فى جبال النوبة ودارفور والنيل الازرق. كما ان القوى السياسية السودانية التقليدية والحديثة لازالت تمارس الصمت المخزى تجاه قتل المدنيين وابادة الشعوب السودانية الاصلية . والادهى والامر هو ما تطالعنا به الصحف اليومية منذ انفصال الجنوب من اعلانات البشير للدولة "العربية" الاسلامية" وتتوالى المهازل الى ان يتبدى حقيقة ان الشعوب تختار حكامها ولو بصمتها على افعالهم. اذ ان البشير يستند على العقلية المركزية العنصرية المتمرسة فى الانتماء الزائف والتمسح بالعروبة والتملق للدول العربية للاعتراف بالسودانيين عربا واعطائهم صك التحرر من اصولهم الافريقية , المعيبة والتى تدس فيهم "عرق" الانتماء الى افريقيا وبالتالى الشبهة فى العبودية التى يصفهم بها العرب عندما يذهبون اليهم فى بلدانهم متمسحين بعروبتهم متسولين للانتماء لهم و " مغتربين " لديهم . فهاهو البشير يتبرع بماشية جنوب كردفان ودارفور الى مصر هدية منه للشعب المصرى , مع كل احترامنا للشعب المصرى الذى انتزع حريته , الا ان البشير كما هو واضح لا يبالى بجوع الاطفال فى الكراكير التى يقصفها وينتزع موارد ارضهم ليتمسح بها على عتبات قصر عابدين عله يعد هاشمى الكرم اصيل العروبة .
المطالبة بتقرير المصير والاستقلال :
مطالبات الشعوب الافريقية فى السودان بحقها فى حكم نفسها لم يتوقف منذ ما قبل الاستقلال وكان التدرج من الفيدرالية الى الكونفدارالية الى تقرير المصير , الذى مارسه اخوتنا فى الجنوب , الذين سبقونا الى الحرية من العنصرية والعيش كمواطنين من الدرجة الثانية . وشعب جبال النوبة الذى يحارب منذ يونيو ويتحمل القصف اليومى ويعيش فى الكراكير , لن يعود بعد هذه التضحيات للقبول بالحلول الجزئية . كما ان التضحيات العظام تستدعى الانجازات العظيمة . اضافة الى ان حالة الصمت والتماهى مع سياسات النظام التى يمارسها بقية الشعب السودانى المستعرب والقوى السياسية والمدنية والاجتماعية المعبرة عنه , واخرها بيانات علماء السودان تضامنا مع الشعب السورى والهيئة الشعبية لمناصرة الشعب السوري في تظاهرتها ضد القتل الذي تمارسة حكومة الاسد والشرطة تحميهم , ذات الشرطة التى اعتقلت فى يوليو الماضى 17 شابا وشابة حاولوا الاحتجاج على الحرب فى جبال النوبة , بل وقدمتهم للمحاكمة بتهمة الشغب والازعاج العام . اين علماء السودان من الاف النوبة الذين يقصفون بالطائرات يوميا والذين يموت اطفالهم بالتسمم من الاسلحة الكيمائية التى لوثت المياه والزراعة , ونسائهم المغتصبات من الشرطةوالجيش الذى يحمى المظاهرة المتضامنة مع سوريا , والشعب الذي يثور وينفعل مع سوريا متجاوزا الوطني الي قوميته الافتراضية المتوهمة متضامنا مع ثوار حلب ودمشق مندداً بالقتل والسحل, متجاهلا لجزء يفترض انه منه وبه تكتمل سودانيته فى ما يسمي بالسودان الشمالي . فمن الواضح ان السودان العربى اقرب الى سوريا من جبال النوبة ومن قبلها كان ابعد ما يكون عن دارفور ومن النيل الازرق مؤخرا .
وهذا ما يؤكد على ان السودانيين المستعربين فى المركز متمسكون بعروبتهم واسلامهم المزيف على حساب ارواح وتضحيات اهلنا السودانيين الافارقة . وحتى المطالبين بتغيير النظام انما يحاولون استغلال صراعنا المبدئى من اجل حريتنا وحماية اهلنا , من الة القتل المنظم للضغط على الحكومة الحالية واضعافها ليستولوا هم على الحكم ويمارسوا الوعود الكاذبة وزيف اللغة ليستمر النظام المركزى العنصرى حاكما , وتظل العروبة والاسلام المشوه المستخدم لاغراض السياسة والسيطرة العرقية هو المسيطر , تحت اسماء جديدة او ربما قديمة جدا تعاد اليها السلطة . وهذه اللعبة اصبحت بالية ومكشوفة ولعبة الكراسى بين المستعربين فى الخرطوم ما عادت تعنينا . ما يعنينا هو تحقيق مصالح شعوبنا الاستراتيجية وضمان مستقبل حر ومستقل وحياة كريمة لاجيالنا القادمة . ومن اجل ذلك هذه الدعوة لابناء جبال النوبة خاصة والى كل اخوتنا فى دارفور والنيل الازرق ,ومن يمثلهم الان فى تحالف كاودا الى التقدم الى الامام وتبنى تقرير المصير ووضع ميثاق يؤسس لرؤية استراتيجية محكمة يتوحد تحتها كل الشعوب السودانية الافريقية الاصيلة وممثليهم من القوى السياسية والاهلية لتشكيل مشروع دولة جديدة لحسم الصراع مع الشمال المركزي العنصري نهائيا هى (دولة السودان الوسطى) . التى تحمل فيها كل الموارد التى يعتمد عليها السودان الشمالى الان ومعظم الايدى العاملة والاراضى الزراعية . ذلك ان شعوب السودان الافريقية عانت بما فيه الكفاية و اَن لاهلنا ان يتحرروا ويكونوا مواطنين من الدرجة الاولى فى وطن يحترمهم ويحميهم وان يفخروا بافريقيتهم ويتركوا للمستعربين عروبتهم المتوهمة , التي يدفعون اثمان سيادة الاسم من حر مالنا ومواردنا التي تسلب باسم الدين وتنهب بعد تشريد واغتصاب النساء وسحل الاطفال في ظل صمت متواطيء لاستمرار النظام الدموي .
وفى اثناء كتابتى لهذا المقال تتوالى انتصارات الثوار المقاتلين فى جبال النوبة وهاهم يقتربون من كادقلى ويحررون خور العفن وام حيطان , ويكبدون الجيش خسائر فادحة فى تلودى , ويستمر نضال شعب جبال النوبة وانتصارات ثوار الجبال وابطال الحرية التى اصبحت اقرب من اى وقت مضى . وهاهو الجيش الحكومى يعترف بشراسة المعارك وتواصلها طوال الاسبوع الماضى كما صرح الناطق باسمه بالامس , وهنا تعلو الهامات فخرا واعتزازا ببسالة شعب جبال النوبة الذى ما استكان يوما للظلم والذى يمضى ابنائه على الرغم من القصف المستمر . والتقدم القوى من الثوار شهد به الناطق الرسمى للجيش الحكومى , كما ورد فى سودان تريبيون- 1نوفمبر (وقال الصوارمي ان "القوات المسلحة كانت ترصد وتتابع وانتظرت الغزاة الذين جاؤوا إليها من ثلاثة محاور وبمعدات واليات كبيرة وكثيرة) . كما اضافت الصحيفة (وقال شاهد عيان لسودان تربيون ان المعارك بدأت فى جنوب كردفان منذ الأحد واكد قيام الجيش السوداني بعمليات القصف الجوي لقوات الحركة الشعبية التي استولت على مناطق قريبة من كادوقلى بمسافة لا تتجاوز الثلاثين كيلو متر) . وهذا ما اكده بيان جيش الحركة الشعبية حنوب كردفان الصادر امس حيث قال المتحدث باسم الحركة ارنو نقلتو لودى وقال المتحدث باسم الحركة ان الجيش الشعبي طرد القوات الحكومية من منطقة أم حيطان مخلفةً ورائها (27 قتيلا و33 جريحا ) .
نجدد الدعوة لابناء جبال النوبة وقواهم السياسية والعسكرية والمدنية فى الخارج والداخل للالتفاف حول خيار تقرير المصير ودعم الثوار ماديا ومعنويا لتحقيق الحرية لشعبنا واسترداد ارضنا وبناء مستقبلنا , كما ندعو اخوتنا فى دارفور والنيل الازرق للعمل المشترك لتحرير كل الشعوب الافريقية فى السودان الشمالى وتشكيل دولة السودان الوسطى الفخورة بافريقية اهلها والتى تثق وتتشرف بانتمائها لاصل البشر فى الارض ( افريقيا الارض الام ) . وتحترم ثقافاتهم ودياناتهم الاصلية حيث لا يخشون من ممارسة طقوسهم وعاداتهم التى تعتبر ارثا انسانيا تحميه المواثيق الدولية . وعلينا ان لا نعمل على تغيير من يخشون التغيير ويخافون التطور والانفتاح على العالم ويستترون تحت اوهام العروبة والعنصرية والنقاء العرقى التى تجاوزها الزمن . وعلينا تركهم فى غيبوبة اوهامهم , لنصنع دولتنا ومستقبلنا المستقل .
--------------------------------------------------------------------------------------
سيناريوهات ما قبل السقوط : خيارات المواجهة
السقوط لمن ؟ :
فى ظاهر الامر يبدو الاتفاق التام ولو الضمنى بين معظم السودانيين وخاصة ( الما كيزان ) , على ان المؤتمر الوطنى وحكومته يلزم اسقاطها الان وفورا . خاصة بعد الحروب التى افتعلها الحزب الحاكم مؤخرا فى مناطق السودانيين الافارقة . لكن ما نراه فى الواقع فيمثل بوضوح الواقع السودانى شديد الانقسام حول مصير البلاد فى القريب العاجل وليس المستقبل البعيد . فما ادعت التنظيمات المعارضة فى المركز انها سوف تتصدر له بقوة من رفض عبرت عنه "بالقوى" للحرب فى النيل الازرق وتحريك الجماهير للتضامن والضغط لوقف نزيف الدماء , انتهى الى مهزلة اخرى من مهازل ادعاءات المعارضة لوقوفها ضد النظام الحالى ورغيبتها فى اسقاطه . فكما هو جلى ان المعارضة المركزية تريد ان تحافظ على نفسها كمعارضة فقط وليس لديها اى نوايا حقيقية للعمل الجدى لاسقاط النظام .
من هنا يبرز الموقف المعقد والمتوارى عن انظار الكثيرين بعضهم بارادته والاخر بدونها ولكن النتيجة هى عدم الوعى التام والمنتشر لمعظم السودانيين وخاصة المهتمين بالشأن السياسى لطبيعة الواقع الراهن الذى يجعل من المعارضة والحكومة يمثلان درجات مختلفة فى ادارة مصالح واحدة . هذه المصالح المتوحدة يشعر الكثيرين بالصدمة عندما نؤكد باصرار على انها عرقية فى الاساس . ذلك ان تركيبة المجتمع السودانى التى رسمت خارطته السياسية مبنية فى الاساس على (المركزية العرقية ) , حيث ان الدولة السودانية المركزية بنيت على اسس اثنية . هذه الحقيقة التاريخية لا ينكرها احد الا ان الكثيرين خاصة من السودانيين المستعربين يحاولون تبريرها بوسائل لا تؤكد سوى عنصريتهم المتأصلة , ويتبدى من خلال تلك التبريرات الوعى الاستعلائى اثنيا . حيث يعزون سيطرتهم المطلقة على حكم السودان خاصة بعد الاستقلال الى التعليم الذى تمتع به الحكام والتنمية التى اختصاهم بها المستعمر والتفوق فى الوعى الثقافى والسياسى نتيجة للاحتكاك بالشعوب الاخرى والتأثر بها وخاصة العربية منها والمستعمرين انفسهم . اذا هذه الخصوصية التى جعلت هذه الاعراق ذات احقية تفضيليىة واقعية ولازمة تحملها عبء حكم السودان واخراج غير المحظوظين من اهله الذين لم تتوافر لهم تلك الفرص الى الحضارة والتمدن . وهذا الذى يتوافق تماما مع العبارة المشهورة التى يبرر بها الاستعمار الاوروبى جرائمه ( عبء الرجل الابيض) , فى انقاذ الشعوب المستعمرة من الجهل والتخلف . وبما الحكم فى السودان فى ال60 الماضية والى الان لم يخرج من ايدى السودانيين المستعربين لا الديمقراطى منه ولا الديكتاتورى فان السلطة القائمة ومعارضتها غير مستعدان ابدا للتخلى عن السلطة الموروثة عرقيا هذه , لا بصفتهم حاكمين حاليين او مستقبليين ينتظرون فى مقاعد المعارضة . اذا السقوط فى السودان هو ليس لفرد كما القذافى ولا حزب كما الحزب الوطنى فى مصر بل هو سقوط نظام اجتماعى , اقتصادى , سياسى وثقافى متكامل انه سقوط المركزية العنصرية الحاكمة والظلم الذى تنتجه.
قوى الاسقاط الفاعلة :
تواجه الجهود الرامية لاسقاط المركزية العنصرية تحديا ضخما نتيجة للوضع المعقد للقوى السياسيى والاجتماعية المنوط بها القيام بهذا الدور . فالانقسام العرقى شديد الحدة الذى يظهر الى السطح لاول مرة بهذا الوضوح منذ صراع اولاد البحر واولاد الغرب عقب سقوط الخرطوم عام 1885, والذى ادى فى النهاية الى اضعاف ثم انهاء تجربة سودانية فريدة من الاتفاق والتوحد بين الاعراق الافريقية والمستعرية فى السودان . حينها حاول المستعربين فرض سيطرتهم على الافارقة " الغرابة" الذين شكلوا القوة العسكرية الحقيقية التى حققت النصر , ولكن نجح التعايشى فى فرض سيطرته بصعوبى فكان الرد من المستعربين التحالف مع الغازى المستعمر لانهاء سيطرة اولاد " الغرب " على السلطة المركزية . وسقطت رالخرطوم مرة اخرى فى يد الاجنبى فى 1898 وحتى الاستقلال . ان هذه المقارنة التاريخية لجأ اليها العديد من الكتاب والمحللين للراهن السودانى , خيث من الصعي تجنبها فى الواقع الذى يبدو مشابها .
بعد انفصال الجنوب اصبح السودانيين الافارقة المتبقين اقلية مهددة بالابادة المادية " القتل" او الابادة الثقافية بالقمع والتهميش. هذا التهديد ناتج من عامل الخوف اولا , اذ يخشى الوسط المركزى من اعطاء السودانيين افارقة هامش حرية او وجود مع مرور الوقت ايضا على دولة الجنوب وترتيبها لاوضاع الدولة فان القوة الماتجة من الحرية او حتى حالة الاستقرار ستؤدى الى تنظيم الصفوف ورفع الوعى وبالتالى المطالبة بالحقوق المهضومة والمشاركة فى السلطة . وبالتالى سارعت الحكومة وقبل ان ينفصل الجنوب الى مهاجمة النوبة فى جنوب كردفان و تلاه النيل الازرق . هذه المباغتة والسعى لنزع سلاح الحركة الشعبية ذات الجيش المنظم , كانت ولا زالت ترمى الى تدمير اى فرصة لدى السوانييين الافارقة فى التحرك المنظم وابتداء الصراع على السلطة الذى ارادت الحكومة نهياته بفصل الجنوب .
هذا الوضع الجديد الشديد العدائية والمحكم الغرض فى القضاء على الوجود المنظم للسودانيين الافارقة كقوة سياسية وعسكرية مقاومة للمركزية العنصرية الحاكمة الان وتاريخيا , فرض على القوى السودانية الافريقية خيار التكتل الجبهوى الثورى لاسقاط النظام كخيار وحيد . وهذ ما تبلور فى اتفاقيى كاودا التى ضمت القوى من دارفور والنوبة والنيل الازرق ممثلين فى الحركات المسلحة المقاومة للنظام . هذا التكتل الذى غابت عنه المعارضة المركزية الطائفية منها واليسارية , وذلك تحت دعوى رفض الحرب والسعى للعمل السلمى المدنى الذى لم نشهد اى اثار له حتى الان , بينما تقاوم الحركات المسلحة الهجمات والاعتداءات المستمرة للنظام على المدنيين والرامية الى ترعيبهم وتهجيرهم حتى لا يكونو وقودا لاسقاطها . ولهذا نجد ان القوى الفاعلة الان فى العمل على اسقاط النظام هى قوى السودانيين الافارقة المنظمة تحت الحركات المسلحة والمنظومات الاهلية القبلية منها والاقليمية , وهنا يتضح الانقسام الحاد فى المواقف والتى وصلت فى تباينهها حد التضاد بين المعارضة المركزية العنصرية المستعربة والقوى السياسية السودانية الافريقية , حيث تدرس بعض قوى المعارضة المشاركة فى الحكومة التى تقتل وتشرد شعبها الافريقى الاصول بوحشية سافرة , فى مقابل الحركات المسلحة التى تقوى تحالفتها وتنسيقها العسكرى للتقدم نحو الخرطوم.
سيناريو (1) قبول المواجهة :
ان التحالف الذى تم بين القوى الساعية لاسقاط النظام المركز العنصرى ,رغم انه وحتى الان مجبر على العمل فقط على المستوى العسكرى للرد على الاعتداءات المستمرة من الحكومة التى تحاول ايقاف التقدم المحتمل نحو الخرطوم , الا ان العمل المدنى السلمى يمثل اولوية فى عملية اسقاط النظام , حيث تمثل الفرصة الاخيرة للسودانيين فى التوحد فى الشوارع وامام فوهات النظام التى لن تستطيع حينها التفريق بين السودانى الافريقى والمستعرب . هذا الخروج المشترك الى الشوارع او اى وسيلة اخرى من وسائل العصيان المدنى التى يجب مشاركة السودانيين من الاتجاهات المختلفة والعرقيات المختلفة فيها , ذلك ان العمل العسكرى من الممكن ان يقوم به مجموعة او مجموعات معينة والتى من الممكن ان تحقق انتصارات او حتى تفلح فى اسقاط النظام كثورة مسلحة ربما يدعمها انقلاب عسكرى او على الاقل عصيان منظم يقوده المنتمين للعرقيات التى تقود الهجوم على النظام والتى لم تكتفى بالتململ من من تنفيذ الاوامر بل قامت بالانشقاق من الجيش فى مناطق مختلفة كما فى جبال النوبة ودارفور حيث تحدث انشقاقات مستمرة وعصيان للاوامر من قبل افراد الجيش الحكومى حيث يرفض الجنود اطلاق النار على اهلهم وابناء وطنهم , وهذا العصيان العسكرى الذى يمارسه ابناء المناطق التى يدور فيها الصراع انما يمثل شكلا اخر من اشكال الانقسام العرقى الذى قد يمثل خطرا كبيرا فى حالة عدم التقدم السريع والجاد الان من قبل القوى السياسية والاهلية فى المركز والاقاليم التى لا يدور فيها الصراع فى الشمال الجغرافى , فى التحالف مع القوى فى مناطق الصراع والحرب .
انضمام القوى فى المركز والشمال الجغرافى للحراك الفعال لاسقاط النظام , حيث للفعالية اهمية قصوى فى هذه المرحلة اذ ان التراخى والعمل الغير منظم سيؤدى الى خسائر فادحة فى الارواح وفى امكانيات الانتصار , حيث ان العدو متمكن من ادواته ولديه السلطة والقدرة المادية والعسكرية . فى المقابل ادوات الصراع التى يستخدمها الان التحالف العسكرى هى اقل فاعلية عسكريا وسياسيا , الا ان الفرصة لدى السودانيين الان لانهاء قرون من العنصرية و سنوات قادمة من الاحتراب اذا اعترفوا بعدم صلاحية نظام التفرقة العنصرى هذا فى قيادة البلاد وان العقلية المركزية العرقية والتى تضع نفسها دائما فى مركز التقييم للاخر وتجعل ثقافتها ودينها هى المحددات لتقييم مكانة الاخرين , هى من اقصى اشكال العنصرية فى شكل الممارسة اليومية وخىاصة ممارسة السلطة . هذه المركزية العرقية التى ظل المستعربين يمارسونها والتى ادت لانقسام البلاد ستؤدى الى دماره اذا لم يعترف المستعريبن بعنصريتهم المزمنة ويواجهوا اكثر حالاتها سفورا وقسوة وهو نظام الكيزان , و يقوموا باسقاط هذا النظام والقبول بمواجهة الذات هذه والتى لن تكون سهلة على المستوى النفسى ولا الاقتصادى ولا السياسى , الا انها تمثل الضرورة التاريخية لانقاذ البلاد من الدمار الشامل .
سيناريو (2) الهروب من المواجهة :
فى حال تمترس المستعربون والقوى السياسية والاجتماعية التى تقودهم فى مواقفهم ومواقعهم الحالية التى لا يمكن تفسيرها سوى فى اطار " الصمت علامة الرضى " , فان السودان سيتجه بسرعة الصوت نحو روندا اخرى .
ان الاستقطاب العرقى الحاد الذى يدور الان فى مرحلة لا زالت مستخفية وغير معلنة من الكثيرين قابلة للانفجار الى حرب تطهير عرقى لايقودها هارون او البشير هذه المرة , بل ستكون ممارسة يومية سيشارك فيها كل السودانيين , حيث تمحى المدن قبل القرى وتغتصب النساء ويشوه الاطفال ولكن هذه المرة ليس على يد افراد الامن او مليشيات "اب طيرة" ,بل على ايدى المواطنين العاديين الذين لا يصدقزن حتى انهم قادرون على ارتكاب هكذا فظائع ولكن هذه هى الحروب العرقية عندما تبدأ يتحول الجميع فيها الى وحوش ومجرمى حرب . وهذا هو فيما يبدو ما يحاول ان يوصلنا اليه البشير وحكمه , يريدنا جميعا مجرمين ضد الانسانية , انسانيتنا اولا قبل الاخرين .
ان ما تقوم به المعارضة الان فى المركز من صمت و ضعف يحملها المسؤولية ايضا فى المجازر والارواح التى تزهق على مدار الساعة من ابناء هذا الوطن فى مناطق الحرب , وكما يبدو ان المعارضة فى علاقتها " الحميمة " مع الحكومة فانها تنتظر موافقتها للمطالبه بوقف سفك الدماء , مثلما ربما اخذت الحكومة موافقتها لسفكه من البداية . حيث يقوم المؤتمر الوطنى ومليشياته بالحرب بالوكالة لصالح السودانيين المستعربين والقوى السياسية المعبرة عنهم .
ان اختيار المشاركة فى الحكومة والتفاوض معها او التفرج والصمت هما وجهان لنفس العملة وهى الاسهام فى تدمير فرصة البلاد الاخيرة فى انهاء الظلم والمعاناة المستمرة لقرون لجزء من ابناء هذا الوطن ظلوا يعانون من الاضطهاد العرقى والدينى والاقتصادى والسياسى , لحساب استقرار ورفاهية جزء اخر من ابناء هذا الوطن يبدو انه لهم وحدهم كما يتضح فى تعبير" اولاد بلد" والذى اشرنا له فى مقال سابق بعنوان ( عب ولا ود بلد )* . الهروب من المشاركة فى تغيير هذه المركزية العرقية يعنى الرغبة فى بقائها وليس مجرد التكتيك المرحلى السياسي كما تدعى المعارضة - تجنيبا للبلاد للصوملة والبلقنه وحمام الدم - كما عبر قادة المعارضة فى اكثر من مرة . فحمام الدم بدأ بالفعل منذ احداث ابيي , اما البلقنه والصوملة فهى خيارات تبدو جيدة بالنظر لما سوف تؤول اليه الامور اذا ما استمر هذا النظام المركزى العنصرى فى حربه المعلنة والصامتة الدائرة الان , اذا ما استمر فى قيادة السودان وخاصة فى ظل صمت من يمثلهم ويعتقد انهم انتخبوه بصمتهم من السودانيين المستعربين . فان كلفة هذا الصمت لن يستطيع احد تحمل نتائجها الكارثية حيث سنتحول الى شعب من مجرمى الحرب , بمختلف اعراقنا لان لكل فعل رد فعل مساوى له فى المقدار " معاكس له فى الاتجاه" .
سيناريو (3) انكار المواجهة :
ما تقوم به القوى السياسي فى المركز المستعرب الان هو هذه الحالة من الانكار الجذرى لوجود ازمة المركزبة العرقية الحاكمة والتى ادت عبر حكمها الى الى افقار وتهجير ناهيك عن قتل مئات الاف الارواح من السودانيين فى جانبى الصراع الا ان المأساة الحقيقية عاشها ولا زال السودانيين الافارقة الذين لم يتوقفوا عن المقاومة والتضحية لاجل حريتهم وحقوقهم فى ظروف شديدة الصعوبة . قاوموا لاجل ارضهم وشرفهم وحقهم فى الحياة الكريمة , وصراع القيم هذا بين من يقاتل ليدفع عن نفسه الظلم ويحصل على حقوقه ومن يقاتل لحماية منظومة اجتماعية سياسية عنصرية , تجعل ميزان القوى يرتفع لصالح السودانيين الافارقة وهذا ما يظهر جليا فى دعم المجتمع الدولى خاصة المنظمات الانسانية , ولكن الاهم هو فى القوة المعنوية التى لا تنتهى عندما يقاتل الانسان لنزع حقوقه .
وفى حالة استمرار هذا الانكار فان الهبوط الى الواقع سيكون مدمرا , فالامتيازات العرقية المجانية التى يوفرها النظام المركزى العرقية , ومع طول الزمن كما هو فى السودان يتحول الى مسلم به اى ان المكانه الاجتماعية والاقتصادية التى تم الحصول عليها دون منافسة عادلة او مجهود حقيقى سوى فى ابعاد اخرين عن حقهم فى المشاركة , وهذه المسلمات ترفض الاستسلام لحقيقة انها غير اخلاقية وظالمة , وما يوجبه هذا الاعتراف من الاعتذار او على الاقل رد للمظالم الذى سيؤدى بدوره الى اعادة تقسيم تلك الامتيازات وربما نزعها . وفى ظل الوعى المستعرب بهذه التداعيات للاعتراف بوجود الدولة المركزية العنصرية ووجوب انهائها ومحاسبة المجرمين فيها واعادة بناء الدولة السودانية على اسس المساواة والعدالة , فان المستعربين فى خيارهم للانكار يقللون كما يتوهمون من نتائج التحول المستقبلى لمراكز القوى من بين ايديهم الى لا مركزية متوافقة غير متنافسة او متمايزة عرقيا على الرغم من تنوعها الشديد. ويقللون من الحقيقة العنصرية لنظام الحكم فى السودان وذلك بالتعبير عن الازمة بانها ازمة تهميش وليست عنصرية وتمييز عرقى وهذا ما تجحوا فى تسويقه حتى تبنته القوى السودانية الافريقية كوتصيف لها رغم وعيها بان الازمة هى عنصرية مستفحلة بالدرجة . فالتهميش يعبر عن الوضع السياسى والاقتصادى للمجموعات المعينة ولا تتجاوزه بعمق نحو اليعد الاجتماعى والثقافى الذى تتجلى فيه الازمة بشكلها الحقيقى فى ما يظهر فى العزل الاجتماعى وعدم الاختلاط بالانساب والتمييز فى العمل والسكن والتعليم اضافة الى القوالب العرقية الثقافية الموضوعة للتمييز بين السودانيين عرقيا . حيث اون التهميش اى انعدام او قلة المشاركة الاقتصادية والسياسية لجموعات معينه امر لا يستوجب تغيير العقلية المركزية ولا تستوجب ايضا تغيير مراكز القوى , بل اى عملية تنازل عن بعض السلطات والموارد الاقتصادية لصالح المجموعات المهمشة سيفى بالغرض وينهى المطالب .
هذا هو السيناريو التاريخى فى التعامل مع الحراك التحررى من العنصرية المركزية , لكن هذا الخيار انتهى الان فى ظل الصراع الذى يتخذ شكلا عرقيا كل يوم ويخرج عن السياسي الذى يحاول المركز العنصرى الترويج لانه يعلم انه مخرجه الاسهل . الا ان الصراع هذه المرة وصل الى التعامل مع عمق الازمة وهى العنصرية والمركزية العرقية وما يتبعها من ظلم وهذا نتيجة الذى فلاضه القمع الوحشى لمطالب العدالة واحترام الاخر واعادة تكوين الدولة السودانية الذى مارسه النظام الحاكم والذى اوجد جبهة موحدة لاسقاطه وما يمثله من ظلم الى الابد.
-----------------------------------------------------------------------------------------------------
الشعب وحده فى الشارع !!
فى ظل انشغال الحكومة بحروبها , والمعارضة بترددها داخل جحورها , والحركات المسلحة فى محاولاتها لجمع الصفوف وتوسيع تحالفاتها لاسقاط النظام , يقف الشعب السودانى وحيدا , فى وجه القصف اليومى والجوع والتشرد والمرض واليأس والموت قصفا وجوعا ومرضا ويأسا .
وتسائلنا ومعنا كثيرون عن ما اذا كان هناك ما يجمع السودانيين فى ظل الاستقطاب العرقى المستفحل , والازمات التاريخية والمعاصرة المسكوت عنها والمعلن من العنصرية والتمييز والفشل السياسى والاقتصادى المزمن . لكن الواقع يقول ان الشعب السودانى على مستوى الشارع والمواطن العادى من كل الاعراق والانتمائات متفقين , فخلال الاشهر السته الماضية التى تمت فيها دعوات ومحاولات من الشباب والحركات المسلحة وحتى قو ى المعارضة للخروج الى الشارع , الا ان السودانيين لم يخرجوا . وفى هذه الايام تعلو الاصوات حول زيادة احتمالات عدم الخروج للشارع وميل الكفة نحو حمل السلاح فقط والثورة القادمة من الهامش والخوف لدى المركز منها . وترتفع الاسعار بجنون والسودانيين لا يخرجون والحروب تندلع والحكومة تدعو المجاهدين القدامى للذهاب للقتال ولا يذهبون , ترى ماذا ينوى هذا الشعب ؟
هذا الشعب الذى جرب العنصرية ولم تحل اشكالاته ولم ينتصر السيد ولا العبد , وكان الخيار انقسام البلاد لنصفين فكانت هزيمة السادة فى خسارة ممتلاكاتهم , وهزيمة العبيد فى الفشل فى التغيير الحجذرى لكل البلاد لذا كان الخيار الاكتفاء بمحاولة تغيير حال بعضها فكان الانفصال . وهذا الشعب جرب الديمقراطية فكانت اشبه بالفصل " الما عندو الفة " كم هائل من الاصوات المتعالية ولكن دون هدف او حتى ادراك للواقع خارج قاعات البرلمانات التى لم تخرج منها الديمقراطية ابدا الى الشارع والناس , بل ظلت تختنق فيها حتى "فطست وريحتها مرقت " فانقلب عليها العسكر فى كل مرة . واما العسكر فما ادراك ما العسكر انهم الشر الاخضر . قتلوا ونهبوا وهببوا وحكموا البلاد كأنها سرية , تارة يرمونها فى حروب بلا معنى او فى مشاريع يسمونها تنموية , لا تنمى الا فقر هذا الشعب . واما الحركات المسلحة فانما كانت تعبيرا عن الحد الاقصى من الغضب و اليأس الذى وصل اليه المتعلمين والسياسيين من ازمات البلاد وكان املهم فى القتال ان يطلقوا على تلك الازمات رصاصة الرحمة , رحمة بهم وبالبلاد . فدارت الحروب وبذلت التضحيات العظام لاجل الخلاص الا ان النار لم تولد الا مزيدا من النار فى ظل تعنت الحاكمين ولا مبالاتهم بارواح الشعب .
يقف الشعب الان وحيدا مواجها موتا يوميا , بالرصاص والاسلحة الكيمائية , و الدواء الفاسد , والجوع بسبب الغلائ الفاحش لابسط مقومات البقاء " الطعام" . وفى كل انحاء السودان الظلم لا يحتمل , المنازل المقصوفة بالطائرات والاحياء التى مسحت بالدبابات كما حدث فى كادوقلى حيث عادت (خ-د) وزوجها المعلم الذين كان لهم يوما بيت فى حى حجر النار فى كادوقلى ليجدوه ممسوحا من الارض ( اخذوا حتى جوالات العيش التى زرعتها قالت "خ" معبورة وقال زوجها ليس لدى ملابس تصدق على قريبى بحذاء وبنطلون ) , فى شندى موطن الرئيس المجرم ومعقل مؤيديه يعذب المتهمون فى الحراسات حتى فقد القدرة على الحركة , وارض الجزيرة تباع الى من لا يدرى احد , والشمال يفرغ من سكانه بالسدود والسرطانات والشرق تقضى عليه المجاعة و لا يهتم احد . اما اهل مناطق الحرب فحذث بلا حرج , المساعدات الممنوعة والاطفال المشردين بلا اهل فى الغابات والقتلى فقط فى جنوب كردفان اكثر من 2000الف . اما اهل المدن والمركز فهم فى " شلهته " تحنن العدو قبل الحبيب , الجيش داير تجريدتو من طلبه المدارس الذين يجلسون على الارض وفى ظلال الرواكيب , والاسر تعانى لتأكل فحالة انعدام الامن الغذائى وصلت حدها الاقصى لدى المواطن العادى . والحكومة تقاطع اللحم والشعب يقطع من لحمو عشان ياكل فول .
الشعب وبموقفه الرافض للخروج الى الشارع رغم الدعوات اللامعدودة والبيانات والادانات والاجتماعات والندوات فى الداخل والخارج , انما يثبت موقفه بان له ارادة حرة وانه ليس ملك احد ليحركه متى شاء اينما شاء . وان صدمة الشعب فى قادته جعلته يقرر كما يبدو ان يقود نفسه بنفسه الى حيث لا احد له عليه حق ولا كلمة . فلن يخرج السودانيون هذه المرة لان نقابات العمال والمهنيين امرتهم كما كان فى الانتفاضات السابقة لانها - اى النقابات -غير موجودة اصلا وثانيا لانهم تبوعها قبلا ولم ينصفوا , كما انهم لن يتبعوا السادة الاشراف وورثة الاولياء ,لان حتى الاولياء لم يستجيبوا لاستغاثاتهم لا سيدى الحسن ولا على ولا بركات المهدى . اما الشباب فى الفيس بوك , فاغلب الشعب لا يعرفون النت وان عرفوه فانهم غير مستعدين للتعامل مع من لا يقف معهم فى محنهم بالمحسوس المعروف وليس مجرد الهتاف وشوت الكولينج بى الشعر الثورى بدل فى الاركان فى صفحات النت , فهذا اصغر كثيرا جدا من ان يرقى لالام واحلام التغيير الحقيقى لهذا الشعب . اما ما يسمى بالمثقفين والمجتمع المدنى " فذرهم فى غمرتهم يعمهون" . اما الحركات المسلحة فهى تبقى الى الوحيدة التى تثبت موقفا واضحا من ازمات البلاد , غير ان السودانيين كما يبدو غير مستعدين لاى حكم عسكرى اخر لذا فانهم مصرون على صناعة ثورتهم الشعبية بشروط جديدة تماما . يدركون تماما حجم الصراع والعدو وان الشعب كله قد يحمل السلاح فى لحظة ما من الثورو كما فى ليبيا , الا ان ذلك لن يكون بامر من احد سيكون قرار الشعب وحده .
يدرك الشعب ان خياره فى التحرر من قبضة وقيادة اى احد سوى الشعب نفسه , يدرك انها معركة صعبة ولكنها الخلاص الوحيد والضمان الوحيد لاخراج البلاد نهائيا من ازماتها المعاصرة والتاريخية . كما ان الموت جميعا واختلاط الدماء على الارض هو الطريق الاوحد للعيش جميعا على هذه الارض بكل الاعراق والانتمائات المختلفة . هذا الخروج الى الشارع الذى لا يقرره احد ولا يحدد اهدافه ولا يقرر نهاته احد سوى الشعب وحده هو الطريق نحو السودان الحر من القيادات التى لا تعرف لا كيف ولا الى اين تقود , هذا الشعب قرر ان انه لن ينتظر او يأمل فى دعم المجتمع الدولى لخياراته لان المجتمع الدولى يسعى لمصالحه التى ستتعارض حتما مع هذا القدر من التحرر الذى سيكون اكثر من اللازم بالنسبة للمجتمع الدولى ويضعه فى رؤيه غير واضحة لتحديد حلفائه المحققين لمصالحه احيانا على حساب الشعب , كما يتباطأ الان فى دعم سوريا واليمن على عكس ليبيا . اذن تزداد وحدة الشعب وهنا تتطابق المعانى فالشعب سيقف وحده لانها سيبله الوحيدة ليتوحد وعلى اسس جديدة لاول مرة فى تاريخه ,وحدة بلا قيادة وبلا شروط وبلا تفاوض , وحدة الشعب الذى لم يجد غير بعضه البعض سندا كما ساند اهل الابيض والرهد نازحى جنوب كردفان بقوت يومهم , ووقفوا وحيدين شبابا وتجارا ونساء واستضافوهم فى بيوتهم ولا زال النازحين يسكنون فى منازل فى الرهد اجرها اهل الرهد ل3 اشهر على حسابهم الخاص اكثر من 100 منزل بها ما يقارب ال1500 نازح , لجأوا اليها بعد ان طردتهم الحكومة من مدارس الحكومة والشعب . فلا المجتمع الدولى ولا المعارضة ولا المثقفين وجدهم هؤلاء حين احتاجوهم .
الشعب يريد ويقرر وحده وسيخرج وحده والجميع فى لهوهم , والشعب ايضا كما يبدو سيحكم وحده ويحكم نفسه بنفسه , فلن ينام من يختاره الشعب معبرا عنه او مديرا لشؤونه , بل سيسهر لان عين الشعب تراقب وتريد ولن تتوقف ارادة هذا الشعب الذى سيحرر نفسه من كل ما سواه ولا يؤمن الا لصوته وقوته التى لن يمنحها لاحد ابدا بعد الان فالجميع من الرئيس الى الغفير هم اجراء الشعب , فهل ستقبل الحكومة والمعارضة بهذا الشعب وتنضم له وهل ستلحق به ؟ وهل ستنضم الحركات المسلحة للشعب بدلا من ان تطالبه بالانضمام اليها ؟ الشعب الذى يثبت حريته فى كل صباح يواصل فيه الحياة خروجه سيكون مفاجئا وحاسما وبلا رجعة !!
------------------------------------------------------------------------------------------------------
ابعاد لقاء ممثلى تحالف كاودا بالادارة الامريكية الاسبوع القادم
فى ال27 و28 من الشهر الجارى من المفترض ان يتم اجتماع للادارة الامريكية ببعض ممثلى تحالف كاود ا وحركة العدل والمساواة بواشنطن . هذا اللقاء يأتى بعد زيارات مكثفة شهدتها الخرطوم الاسبوع الماضى لكل من ممثل الاتحاد الافريقى السيد \ امبيكى , ثم زيارة السيد \ ليمان المبعوث الامريكى الخاص بالسودان واخيرا الرئيس الاثيوبى . كل هذه الزيارات هدفها فى ما يبدو هو الدفع باتجاه واحد هو دفع الحكومة والحركات المسلحة التى تخوض القتال الان فى كل من النيل الازرق وجنوب كردفان ودارفور الى الجلوس الى طاولة المفاوضات وبالتحديد الحركة الشعبية لتحرير السودان \ الشمال .
ما صرح به السيد \ ليمان من تأييد للحل السلمى وعدم تأييد اسقاط النظام بالسلاح , وهو التصريح الذى ابهج الحكومة السودانية والحزب الحاكم هو مؤشر على ان الادارة الامريكية , تحمى دولة جنوب السودان الوليد من التغيرات المحتملة والتى لا يمكن التنبؤ بنتائجها , خاصة وان المؤتمر الوطنى لم يصل الى اتفاقات واضحة مع حكومة الجنوب فى القضايا العالقة الخاصة بابيي والحدود و النفط . والادارة الامريكية لا تملك لا الوقت ولا المال للتفاوض مع شريك جديد محتمل لجنوب السودان لقفل هذه الملفات فى حال سقوط نظام الخرطوم او على الاقل حدوث الفوضى وانهيار النظام . من جانب اخر فان هؤلاء القادة الجدد غير معروفين تماما لدى واشنطن , ليس فقط الحركات الدارفورية بل حتى القيادة الجديدة للحركة الشعبية \ الشمال , فالادارة الامريكية تعرف القادة الجنوبيين للحركة ولكن القادة الجدد لم يكونوا فى واجهة العلاقات الخارجية فى الحركة الشعبية لذا هناك غموض حول القادة الجدد الذين من المحتمل ان يكونوا قريبا هم قادة السودان الشمالى وليس مجرد معارضة مسلحة .
من جانب اخر فان الوضع العسكرى على الارض معقد للغاية , وعلى الرغم من التقدم الكبير لتحالف كاودا فى جبهتى النيل الازرق وجنوب كردفان , وانهاك الجيش الحكومى ومليشيات المؤتمر الوطنى , الا ان المدن الرئيسية لا زالت فى ايدى الحكومة , هذا وعلى الرغم من اتساع الرقعة التى تسيطر عليها الحركة فى الجبهتين . نتيجة لسيطرتها على المدن الكبرى تدير الحكومة ظهرها لخسائرها وفقدها لكثير من اراضى الولايتين , وتدير حملة اعلامية لتؤكد سيطرتها . اضافة الى تحركات العدل والمساواة التى استطاعت الدخول الى اعماق الاراضى السودانية من ليبيا بقيادة رئيسها السيد خليل : الامر الذى يثير رعب الحكومة من اشتعال جبهة دافور مرة اخرى و محاولة تكرار دخول الخرطوم باسلحة جدية من بقايا نظام القذافى . هذا الوضع يجبر المجتمع الدولى فى التفكير فى الحل السياسي خاصة فى ضوء الحسم العسكرى الذى قد يطول , ومع طول الحرب يزيد تأثر دول الجوار و وهذا ما دفع الرئيس الاثيوبى الى الزيارة العاجلة للبلاد ذلك ان الامم المتحدة كانت قد اعلنت ان ما يقارب العشرة الاف لاجىء دخلوا اثيوبيا فى ظل مجاعة تواجهها المنطقة , هذا اضافة الى الذين عبروا الجنوب وهم عشره الاف اخرى , و كذلك الرئيس الشادى الى تعزيز وجوده العسكرى على الحدود مع السودان وربما داخلها .اذن المجتمع الدولى فى مواجهة ازمة انسانية و اقليمية , مع كل العوامل السابقة التى ادت الى الدفع نحو الحل السياسى . فما هو هذا الحل الذى قد تقبل به قوى تحالف كاودا والى اى مدى سيخدم هدفها فى اسقاط النظام باعتباره الهدف الاساسى للتحالف ؟ .
الحل القومى :
ليس امام ممثلى تحالف كاودا اذا قبلوا التفاوض سوى التفاوض على اساس الحل القومى وليس الاقليمى , هذا ان التحالف فى الاساس هو جبهة ثورية مسلحة لاسقاط نظام الخرطوم , واذا كان اسقاط النظام هو الحل الوحيد للقضايا الاقليمية , الا انه هو خيار الكثير من السودانيين الذين لم ينضموا للتحالف بعد , كما ان السودانيين جميعا سيتأثروا بهذا الخيار , لهذا لا يكون لا اتفاق اديس ابابا الذى ابرمته الحركة الشعبية ولا اتفاق الدوحة بالنسبة للحركات الدارفورية هى اطر او مرجعيات للتفاوض . بل حتى اتفاقية نيفاشا لا تصلح كمرجعية اذ ان ثنائية التفاوض وتقسيم الازمة السودانية هو اهم اسباب اعادة انتاجها والمثبت لبقاء الحزب الحاكم وايضا يخدم اجندته فى تقسيم السودان . اذن الوضع الذى انتجته اتفاقية كاودا نفسها وما داومت على اعلانه القوى الموقعة عليه والتى فى الطريق للتوقيع مثل حركة العدل والمساواة , من العمل على تغيير السودان ونظام الحكم العنصرى المركزى , و تحرير السودان من ازماته التاريخية والحالية , هذه الدعوات والالتزامات تجعل التحالف فى موقع المسؤول عن الشعب السودانى المظلوم بكافة اعراقه وهذه الفرصة التاريخية فى الضغط على هذا النظام لاخضاعه لشروط بناء السودان على اسس مختلفة او اسقاطه , خاصة وان الوضع الاقتصادى والعسكرى يجعل الحزب الحاكم يهرول فى اتجاه التفاوض ووقف اطلاق " ليشم نفسه" .
يجب على التحالف الوعى التام ان الحكومة لا تريد التفاوض او ترغب فى الحل السياسى النهائى لمشاكل السودان , لان ذلك ببساطة يعنى نهايتها اولا , لكنها ترغب فى هدنه , هذه الهدنه بالنسبة لها وسيلة لتجميع المال ومحاولة شراء من تستطيع شرائهم اثناء وبعد التفاوض كما فعلت مع دانيال كودى والسيسى , لكن كما هو واضح فالحكومة تشترى الضعفاء ويبقى اصحاب القضية الذين قتل وشرد اهلهم امام اعينهم يقاتلون . ما يحتاجه التحالف من التفاوض هو اعادة تنطيم صفوفه وبلورة رؤيته السياسية التى سيفرضها عليه الجلوس للتفاوض حول مصير السودان بأكمله وليس النيل الازرق فقط او جنوب كردفان او دارفور , حيث ان الاولويات التى تحقق اهداف التحالف كبنود تفاوض فى نظرنا :
- الوقف الفورى لاطلاق النار والمراقب دوليا .
- فتح المسارات للمساعدات الانسانية لجانبي القتال .
- العفو العام و اطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين والاسرى .
- فتح تحقيق محايد تحت اشراف الامم المتحدة فى اتنهاكات حقوق الانسان .
- تجميد تعيين الحكومة الجديدة و حل البرلمان والمجالس التشريعية الولائية.
- اقامة مؤتمر تأسيسى يجمع كافة السودانيين لتقرير طريقة حكم السودان و تحديد مبادىء الدستور
- تكوين هيئه رئاسية ممثله لكل اقاليم السودان يكون الجيش والشرطة والاجهزة الامنية تحت سلطتها المباشرة
وما سبق هى مطالب اساسية تمهد الارضية لتغيير حكم السودان وليس فقط حكامه . البنود السابقة لن يتم الاتفاق على معظمها ولكن من المرجح فى حال نجاح الوسطاء فى جر الفرقاء الى المفاوضات ان يتم وقف ربما جزئى لاطلاق النار وفتح مسارات المساعدات مما يضع الامر فى حالة هدنة من المرجح ان لا تطول , قبل العودة الى الحرب مرة اخرى . غير ان هكذا مطالب ترفع من قدر الثقة فى التحالف وتفتح الباب للقوى المترددة خاصة فى المركز للالتفاف حوله خاصة وان التفاوض يعنى على الاقل التكافؤ فى القوة بين المتفاوضين الامر الايجابى لصالح التحالف اضافة الى الشرعية التى سيضفيها علي التحالف اى اتفاق قد يوقع .
فى حالة فشل الطرفين فى الجلوس للتفاوض او عدم الوصول الى اتفاق فان الموقف فى السودان على كل حال يرجح استمرار القتال واتساع رقعته وربما فتح جبهات جديدة كجبهة الشرق الغير بعيدة عن الاشتعال . لهذا فان المجتمع الدولى يراقب عن كثب التطورات فى السودان ولا يرغب فى التدخل حتى تضح الصورة خاصة احتمالات الثورة الشعبية الهادفة لاسقاط النظام , وبالتالى ايجاد السند الجماهيرى القوى لتحالف كاودا واهدافه , هذا الحراك الشعبى لن يكون دون رؤية قومية واضحة من التحالف تضمن على الاقل انتقال السودان الى مرحلة حل ازماته وليس صناعة ازمات جديدة وهذا ما ينتظره المجتمع الدولى وقبله السودانيون من كل اعراقهم وثقافاتهم وانتمائاتهم .
---------------------------------------------------------------------------------------------------
ابعاد لقاء ممثلى تحالف كاودا بالادارة الامريكية الاسبوع القادم
فى ال27 و28 من الشهر الجارى من المفترض ان يتم اجتماع للادارة الامريكية ببعض ممثلى تحالف كاود ا وحركة العدل والمساواة بواشنطن . هذا اللقاء يأتى بعد زيارات مكثفة شهدتها الخرطوم الاسبوع الماضى لكل من ممثل الاتحاد الافريقى السيد \ امبيكى , ثم زيارة السيد \ ليمان المبعوث الامريكى الخاص بالسودان واخيرا الرئيس الاثيوبى . كل هذه الزيارات هدفها فى ما يبدو هو الدفع باتجاه واحد هو دفع الحكومة والحركات المسلحة التى تخوض القتال الان فى كل من النيل الازرق وجنوب كردفان ودارفور الى الجلوس الى طاولة المفاوضات وبالتحديد الحركة الشعبية لتحرير السودان \ الشمال .
ما صرح به السيد \ ليمان من تأييد للحل السلمى وعدم تأييد اسقاط النظام بالسلاح , وهو التصريح الذى ابهج الحكومة السودانية والحزب الحاكم هو مؤشر على ان الادارة الامريكية , تحمى دولة جنوب السودان الوليد من التغيرات المحتملة والتى لا يمكن التنبؤ بنتائجها , خاصة وان المؤتمر الوطنى لم يصل الى اتفاقات واضحة مع حكومة الجنوب فى القضايا العالقة الخاصة بابيي والحدود و النفط . والادارة الامريكية لا تملك لا الوقت ولا المال للتفاوض مع شريك جديد محتمل لجنوب السودان لقفل هذه الملفات فى حال سقوط نظام الخرطوم او على الاقل حدوث الفوضى وانهيار النظام . من جانب اخر فان هؤلاء القادة الجدد غير معروفين تماما لدى واشنطن , ليس فقط الحركات الدارفورية بل حتى القيادة الجديدة للحركة الشعبية \ الشمال , فالادارة الامريكية تعرف القادة الجنوبيين للحركة ولكن القادة الجدد لم يكونوا فى واجهة العلاقات الخارجية فى الحركة الشعبية لذا هناك غموض حول القادة الجدد الذين من المحتمل ان يكونوا قريبا هم قادة السودان الشمالى وليس مجرد معارضة مسلحة .
من جانب اخر فان الوضع العسكرى على الارض معقد للغاية , وعلى الرغم من التقدم الكبير لتحالف كاودا فى جبهتى النيل الازرق وجنوب كردفان , وانهاك الجيش الحكومى ومليشيات المؤتمر الوطنى , الا ان المدن الرئيسية لا زالت فى ايدى الحكومة , هذا وعلى الرغم من اتساع الرقعة التى تسيطر عليها الحركة فى الجبهتين . نتيجة لسيطرتها على المدن الكبرى تدير الحكومة ظهرها لخسائرها وفقدها لكثير من اراضى الولايتين , وتدير حملة اعلامية لتؤكد سيطرتها . اضافة الى تحركات العدل والمساواة التى استطاعت الدخول الى اعماق الاراضى السودانية من ليبيا بقيادة رئيسها السيد خليل : الامر الذى يثير رعب الحكومة من اشتعال جبهة دافور مرة اخرى و محاولة تكرار دخول الخرطوم باسلحة جدية من بقايا نظام القذافى . هذا الوضع يجبر المجتمع الدولى فى التفكير فى الحل السياسي خاصة فى ضوء الحسم العسكرى الذى قد يطول , ومع طول الحرب يزيد تأثر دول الجوار و وهذا ما دفع الرئيس الاثيوبى الى الزيارة العاجلة للبلاد ذلك ان الامم المتحدة كانت قد اعلنت ان ما يقارب العشرة الاف لاجىء دخلوا اثيوبيا فى ظل مجاعة تواجهها المنطقة , هذا اضافة الى الذين عبروا الجنوب وهم عشره الاف اخرى , و كذلك الرئيس الشادى الى تعزيز وجوده العسكرى على الحدود مع السودان وربما داخلها .اذن المجتمع الدولى فى مواجهة ازمة انسانية و اقليمية , مع كل العوامل السابقة التى ادت الى الدفع نحو الحل السياسى . فما هو هذا الحل الذى قد تقبل به قوى تحالف كاودا والى اى مدى سيخدم هدفها فى اسقاط النظام باعتباره الهدف الاساسى للتحالف ؟ .
الحل القومى :
ليس امام ممثلى تحالف كاودا اذا قبلوا التفاوض سوى التفاوض على اساس الحل القومى وليس الاقليمى , هذا ان التحالف فى الاساس هو جبهة ثورية مسلحة لاسقاط نظام الخرطوم , واذا كان اسقاط النظام هو الحل الوحيد للقضايا الاقليمية , الا انه هو خيار الكثير من السودانيين الذين لم ينضموا للتحالف بعد , كما ان السودانيين جميعا سيتأثروا بهذا الخيار , لهذا لا يكون لا اتفاق اديس ابابا الذى ابرمته الحركة الشعبية ولا اتفاق الدوحة بالنسبة للحركات الدارفورية هى اطر او مرجعيات للتفاوض . بل حتى اتفاقية نيفاشا لا تصلح كمرجعية اذ ان ثنائية التفاوض وتقسيم الازمة السودانية هو اهم اسباب اعادة انتاجها والمثبت لبقاء الحزب الحاكم وايضا يخدم اجندته فى تقسيم السودان . اذن الوضع الذى انتجته اتفاقية كاودا نفسها وما داومت على اعلانه القوى الموقعة عليه والتى فى الطريق للتوقيع مثل حركة العدل والمساواة , من العمل على تغيير السودان ونظام الحكم العنصرى المركزى , و تحرير السودان من ازماته التاريخية والحالية , هذه الدعوات والالتزامات تجعل التحالف فى موقع المسؤول عن الشعب السودانى المظلوم بكافة اعراقه وهذه الفرصة التاريخية فى الضغط على هذا النظام لاخضاعه لشروط بناء السودان على اسس مختلفة او اسقاطه , خاصة وان الوضع الاقتصادى والعسكرى يجعل الحزب الحاكم يهرول فى اتجاه التفاوض ووقف اطلاق " ليشم نفسه" .
يجب على التحالف الوعى التام ان الحكومة لا تريد التفاوض او ترغب فى الحل السياسى النهائى لمشاكل السودان , لان ذلك ببساطة يعنى نهايتها اولا , لكنها ترغب فى هدنه , هذه الهدنه بالنسبة لها وسيلة لتجميع المال ومحاولة شراء من تستطيع شرائهم اثناء وبعد التفاوض كما فعلت مع دانيال كودى والسيسى , لكن كما هو واضح فالحكومة تشترى الضعفاء ويبقى اصحاب القضية الذين قتل وشرد اهلهم امام اعينهم يقاتلون . ما يحتاجه التحالف من التفاوض هو اعادة تنطيم صفوفه وبلورة رؤيته السياسية التى سيفرضها عليه الجلوس للتفاوض حول مصير السودان بأكمله وليس النيل الازرق فقط او جنوب كردفان او دارفور , حيث ان الاولويات التى تحقق اهداف التحالف كبنود تفاوض فى نظرنا :
- الوقف الفورى لاطلاق النار والمراقب دوليا .
- فتح المسارات للمساعدات الانسانية لجانبي القتال .
- العفو العام و اطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين والاسرى .
- فتح تحقيق محايد تحت اشراف الامم المتحدة فى اتنهاكات حقوق الانسان .
- تجميد تعيين الحكومة الجديدة و حل البرلمان والمجالس التشريعية الولائية.
- اقامة مؤتمر تأسيسى يجمع كافة السودانيين لتقرير طريقة حكم السودان و تحديد مبادىء الدستور
- تكوين هيئه رئاسية ممثله لكل اقاليم السودان يكون الجيش والشرطة والاجهزة الامنية تحت سلطتها المباشرة
وما سبق هى مطالب اساسية تمهد الارضية لتغيير حكم السودان وليس فقط حكامه . البنود السابقة لن يتم الاتفاق على معظمها ولكن من المرجح فى حال نجاح الوسطاء فى جر الفرقاء الى المفاوضات ان يتم وقف ربما جزئى لاطلاق النار وفتح مسارات المساعدات مما يضع الامر فى حالة هدنة من المرجح ان لا تطول , قبل العودة الى الحرب مرة اخرى . غير ان هكذا مطالب ترفع من قدر الثقة فى التحالف وتفتح الباب للقوى المترددة خاصة فى المركز للالتفاف حوله خاصة وان التفاوض يعنى على الاقل التكافؤ فى القوة بين المتفاوضين الامر الايجابى لصالح التحالف اضافة الى الشرعية التى سيضفيها علي التحالف اى اتفاق قد يوقع .
فى حالة فشل الطرفين فى الجلوس للتفاوض او عدم الوصول الى اتفاق فان الموقف فى السودان على كل حال يرجح استمرار القتال واتساع رقعته وربما فتح جبهات جديدة كجبهة الشرق الغير بعيدة عن الاشتعال . لهذا فان المجتمع الدولى يراقب عن كثب التطورات فى السودان ولا يرغب فى التدخل حتى تضح الصورة خاصة احتمالات الثورة الشعبية الهادفة لاسقاط النظام , وبالتالى ايجاد السند الجماهيرى القوى لتحالف كاودا واهدافه , هذا الحراك الشعبى لن يكون دون رؤية قومية واضحة من التحالف تضمن على الاقل انتقال السودان الى مرحلة حل ازماته وليس صناعة ازمات جديدة وهذا ما ينتظره المجتمع الدولى وقبله السودانيون من كل اعراقهم وثقافاتهم وانتمائاتهم .
------------------------------------------------------------------------------------------------------
ابعاد لقاء ممثلى تحالف كاودا بالادارة الامريكية الاسبوع القادم
فى ال27 و28 من الشهر الجارى من المفترض ان يتم اجتماع للادارة الامريكية ببعض ممثلى تحالف كاود ا وحركة العدل والمساواة بواشنطن . هذا اللقاء يأتى بعد زيارات مكثفة شهدتها الخرطوم الاسبوع الماضى لكل من ممثل الاتحاد الافريقى السيد \ امبيكى , ثم زيارة السيد \ ليمان المبعوث الامريكى الخاص بالسودان واخيرا الرئيس الاثيوبى . كل هذه الزيارات هدفها فى ما يبدو هو الدفع باتجاه واحد هو دفع الحكومة والحركات المسلحة التى تخوض القتال الان فى كل من النيل الازرق وجنوب كردفان ودارفور الى الجلوس الى طاولة المفاوضات وبالتحديد الحركة الشعبية لتحرير السودان \ الشمال .
ما صرح به السيد \ ليمان من تأييد للحل السلمى وعدم تأييد اسقاط النظام بالسلاح , وهو التصريح الذى ابهج الحكومة السودانية والحزب الحاكم هو مؤشر على ان الادارة الامريكية , تحمى دولة جنوب السودان الوليد من التغيرات المحتملة والتى لا يمكن التنبؤ بنتائجها , خاصة وان المؤتمر الوطنى لم يصل الى اتفاقات واضحة مع حكومة الجنوب فى القضايا العالقة الخاصة بابيي والحدود و النفط . والادارة الامريكية لا تملك لا الوقت ولا المال للتفاوض مع شريك جديد محتمل لجنوب السودان لقفل هذه الملفات فى حال سقوط نظام الخرطوم او على الاقل حدوث الفوضى وانهيار النظام . من جانب اخر فان هؤلاء القادة الجدد غير معروفين تماما لدى واشنطن , ليس فقط الحركات الدارفورية بل حتى القيادة الجديدة للحركة الشعبية \ الشمال , فالادارة الامريكية تعرف القادة الجنوبيين للحركة ولكن القادة الجدد لم يكونوا فى واجهة العلاقات الخارجية فى الحركة الشعبية لذا هناك غموض حول القادة الجدد الذين من المحتمل ان يكونوا قريبا هم قادة السودان الشمالى وليس مجرد معارضة مسلحة .
من جانب اخر فان الوضع العسكرى على الارض معقد للغاية , وعلى الرغم من التقدم الكبير لتحالف كاودا فى جبهتى النيل الازرق وجنوب كردفان , وانهاك الجيش الحكومى ومليشيات المؤتمر الوطنى , الا ان المدن الرئيسية لا زالت فى ايدى الحكومة , هذا وعلى الرغم من اتساع الرقعة التى تسيطر عليها الحركة فى الجبهتين . نتيجة لسيطرتها على المدن الكبرى تدير الحكومة ظهرها لخسائرها وفقدها لكثير من اراضى الولايتين , وتدير حملة اعلامية لتؤكد سيطرتها . اضافة الى تحركات العدل والمساواة التى استطاعت الدخول الى اعماق الاراضى السودانية من ليبيا بقيادة رئيسها السيد خليل : الامر الذى يثير رعب الحكومة من اشتعال جبهة دافور مرة اخرى و محاولة تكرار دخول الخرطوم باسلحة جدية من بقايا نظام القذافى . هذا الوضع يجبر المجتمع الدولى فى التفكير فى الحل السياسي خاصة فى ضوء الحسم العسكرى الذى قد يطول , ومع طول الحرب يزيد تأثر دول الجوار و وهذا ما دفع الرئيس الاثيوبى الى الزيارة العاجلة للبلاد ذلك ان الامم المتحدة كانت قد اعلنت ان ما يقارب العشرة الاف لاجىء دخلوا اثيوبيا فى ظل مجاعة تواجهها المنطقة , هذا اضافة الى الذين عبروا الجنوب وهم عشره الاف اخرى , و كذلك الرئيس الشادى الى تعزيز وجوده العسكرى على الحدود مع السودان وربما داخلها .اذن المجتمع الدولى فى مواجهة ازمة انسانية و اقليمية , مع كل العوامل السابقة التى ادت الى الدفع نحو الحل السياسى . فما هو هذا الحل الذى قد تقبل به قوى تحالف كاودا والى اى مدى سيخدم هدفها فى اسقاط النظام باعتباره الهدف الاساسى للتحالف ؟ .
الحل القومى :
ليس امام ممثلى تحالف كاودا اذا قبلوا التفاوض سوى التفاوض على اساس الحل القومى وليس الاقليمى , هذا ان التحالف فى الاساس هو جبهة ثورية مسلحة لاسقاط نظام الخرطوم , واذا كان اسقاط النظام هو الحل الوحيد للقضايا الاقليمية , الا انه هو خيار الكثير من السودانيين الذين لم ينضموا للتحالف بعد , كما ان السودانيين جميعا سيتأثروا بهذا الخيار , لهذا لا يكون لا اتفاق اديس ابابا الذى ابرمته الحركة الشعبية ولا اتفاق الدوحة بالنسبة للحركات الدارفورية هى اطر او مرجعيات للتفاوض . بل حتى اتفاقية نيفاشا لا تصلح كمرجعية اذ ان ثنائية التفاوض وتقسيم الازمة السودانية هو اهم اسباب اعادة انتاجها والمثبت لبقاء الحزب الحاكم وايضا يخدم اجندته فى تقسيم السودان . اذن الوضع الذى انتجته اتفاقية كاودا نفسها وما داومت على اعلانه القوى الموقعة عليه والتى فى الطريق للتوقيع مثل حركة العدل والمساواة , من العمل على تغيير السودان ونظام الحكم العنصرى المركزى , و تحرير السودان من ازماته التاريخية والحالية , هذه الدعوات والالتزامات تجعل التحالف فى موقع المسؤول عن الشعب السودانى المظلوم بكافة اعراقه وهذه الفرصة التاريخية فى الضغط على هذا النظام لاخضاعه لشروط بناء السودان على اسس مختلفة او اسقاطه , خاصة وان الوضع الاقتصادى والعسكرى يجعل الحزب الحاكم يهرول فى اتجاه التفاوض ووقف اطلاق " ليشم نفسه" .
يجب على التحالف الوعى التام ان الحكومة لا تريد التفاوض او ترغب فى الحل السياسى النهائى لمشاكل السودان , لان ذلك ببساطة يعنى نهايتها اولا , لكنها ترغب فى هدنه , هذه الهدنه بالنسبة لها وسيلة لتجميع المال ومحاولة شراء من تستطيع شرائهم اثناء وبعد التفاوض كما فعلت مع دانيال كودى والسيسى , لكن كما هو واضح فالحكومة تشترى الضعفاء ويبقى اصحاب القضية الذين قتل وشرد اهلهم امام اعينهم يقاتلون . ما يحتاجه التحالف من التفاوض هو اعادة تنطيم صفوفه وبلورة رؤيته السياسية التى سيفرضها عليه الجلوس للتفاوض حول مصير السودان بأكمله وليس النيل الازرق فقط او جنوب كردفان او دارفور , حيث ان الاولويات التى تحقق اهداف التحالف كبنود تفاوض فى نظرنا :
- الوقف الفورى لاطلاق النار والمراقب دوليا .
- فتح المسارات للمساعدات الانسانية لجانبي القتال .
- العفو العام و اطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين والاسرى .
- فتح تحقيق محايد تحت اشراف الامم المتحدة فى اتنهاكات حقوق الانسان .
- تجميد تعيين الحكومة الجديدة و حل البرلمان والمجالس التشريعية الولائية.
- اقامة مؤتمر تأسيسى يجمع كافة السودانيين لتقرير طريقة حكم السودان و تحديد مبادىء الدستور
- تكوين هيئه رئاسية ممثله لكل اقاليم السودان يكون الجيش والشرطة والاجهزة الامنية تحت سلطتها المباشرة
وما سبق هى مطالب اساسية تمهد الارضية لتغيير حكم السودان وليس فقط حكامه . البنود السابقة لن يتم الاتفاق على معظمها ولكن من المرجح فى حال نجاح الوسطاء فى جر الفرقاء الى المفاوضات ان يتم وقف ربما جزئى لاطلاق النار وفتح مسارات المساعدات مما يضع الامر فى حالة هدنة من المرجح ان لا تطول , قبل العودة الى الحرب مرة اخرى . غير ان هكذا مطالب ترفع من قدر الثقة فى التحالف وتفتح الباب للقوى المترددة خاصة فى المركز للالتفاف حوله خاصة وان التفاوض يعنى على الاقل التكافؤ فى القوة بين المتفاوضين الامر الايجابى لصالح التحالف اضافة الى الشرعية التى سيضفيها علي التحالف اى اتفاق قد يوقع .
فى حالة فشل الطرفين فى الجلوس للتفاوض او عدم الوصول الى اتفاق فان الموقف فى السودان على كل حال يرجح استمرار القتال واتساع رقعته وربما فتح جبهات جديدة كجبهة الشرق الغير بعيدة عن الاشتعال . لهذا فان المجتمع الدولى يراقب عن كثب التطورات فى السودان ولا يرغب فى التدخل حتى تضح الصورة خاصة احتمالات الثورة الشعبية الهادفة لاسقاط النظام , وبالتالى ايجاد السند الجماهيرى القوى لتحالف كاودا واهدافه , هذا الحراك الشعبى لن يكون دون رؤية قومية واضحة من التحالف تضمن على الاقل انتقال السودان الى مرحلة حل ازماته وليس صناعة ازمات جديدة وهذا ما ينتظره المجتمع الدولى وقبله السودانيون من كل اعراقهم وثقافاتهم وانتمائاتهم .
---------------------------------------------------------------------------------------------------
من يحارب : الحركة الشعبية "قطاع الشمال" ام الحركة الشعبية " جبال النوبة "
بقلم : عثمان نواى
فى 22 يوليو الماضى اجتمع قيادات الحركة الشعبية قطاع الشمال فى جنوب كردفان كل من مالك عقار رئيس الحركة وعبد العزيز الحلو نائب الرئيس وياسر عرمان الامين العام , وخرج الاجتماع بعدة نقاط اهمها كلن موقف الحركة من النظام الحاكم والذى كما اعلن من نتيجة االجتماع انه موقف سوف يتم " التشاور حوله " واعلان موقف نهائى بعد شهر من ذلك التاريخ وهذا الموقف سيكون اما اسقاط النظام او العمل مع القوى السياسية الاخرى لاصلاح النظام وهذا ما اكده رئيس الحركة فى اللقاء الذى اجرى معه فى الاسبوع الماضى فى صحيفة الصحافة . ولكن فى اليوم التالى من ذلك الاجتمتاع ومخرجاته التى نشرت للاعلام صدر بيان من ابناء جبال النوبة بالخارج يستنكر التجاهل للحرب التى يدفع ابناء النوبة ارواحهم فيها لهدف واحد وهو اسقاط نظام الحكم فى السودان , واكدوا موقفهم الثابت وهو اسقاط نظام الخرطوم وان ما بدأه عب جبال النوبة من تضحيات ستتواصل حتى الوصول لذلك الهدف .
يوم 1 اغسطس ، مضت الحركة الشعبية جبال النوبة /جنوب كردفان فى سعيها لتوحيد الجهود لاجل اسقاط النظام عبر التوقيع على وثيقة تحالف مع حركتى تحرير السودان فى كاودا ، والتى ادت الى اهتزاز حاد داخل الحزب الحاكم كما اتضح من التصريحات السريعة والتى تعبر عن قدر كبير من التخوف من تحالف قوى " الهامش " او ما افضل تسميته( القوى الجديدة فى السودان) . واليوم كان الخبر الاول فى الصحف هو تسريبات عن استدعاء البشير لمالك عقار رئيس الحركة الشعبية وهو استدعاء له بصفته واليا للنيل الازرق" لاستفساره" حول اتفاق كاودا . وهنا يتضح قدر كبير من التضارب الذى هو حادث الان فى موقف مالك عقار من النظام فى الخرطوم فالبشير لديه السلطة لاستدعائه بصفته واليا لاحدى الولايات وهو منصب دستورى يجعل من البشير قائده الاعلى , وفى هذا النطاق يبدو ان عقار " رئيس الحركة الشعبية" يأتى ثانيا كما يبدو ! وهذا الاستفسار لمالك حول اتفاق كاودا لا ندرى هل هو بصفته رئيسا للحركة الشعبية قطاع الشمال الموقع على وثيقة قررت ان هدفها الاول هو اسقاط النظام عبركافة السبل المدنية والعسكرية ام بصفته والى النيل الازرق احدى مناطق الهامش المهددة لامن النظام .
ان موقف عقار من الحرب فى جبال النوبة اتسم بتضارب مخل بقيادته لحركة تحررية فهو فى حين يلوم الحلو على الحرب , وفى حين اخر توعد النظام برد فعل مماثل لحلو فى حال حاولت الحكومة نزع سلاح الحركةفى النيل اازرق . وفى هذا الوضع الذى فى انما يعبر عن قيادة مهزوزة ورؤية قصيرة المدى لطبيعة الصراع مع نظام الخرطوم فان السيد عقار يضحى بموقف اشد ايجابية وادراك لمستقبل السودان ، وهو الموقف الذى يجب على قائد الحركة الشعبية وقوفه منذ البدايةوهوالتأييد والدعم الكامل لموقف الحلو واحترام خيار شعب جبال النوبة فى التضحية بارواحهم وابنائهم واطفالهم لاجل مستقبل السودان ككل وليس فقط شعب جبال النوبة ذلك الحركة الشعبية فى جبال النوبة / جنوب كردفان كانت شديدة الوضوح فى سعيها لاسقاط النظام وتغيير نظام حكم السودان الذى ظل سائدا منذ الاستقلال بعنصريته وتفكيكه للبلاد الى دولتين ومحاولاته لابادة شعوب السودان الافريقية . ومسعى ششعب جبال النوبة هذا الذى اثبته عبر تضحياته والتى لا زالت مستمرة انما هو انطلاق لعملية التغيير الجذرى والشامل الذى يتبلور الان ربما فى اشكاله الاولية فى اتفاق كاودا . حيث ان قوى السودان الجديدة استطاعت الاتفاق ليس فقط على مرحلة العمل لاسقاط النظام بل ايضامرحلة ما بعد اسقاطه عبر النقاط التى تبلورت فى صورة اناء عقد اجتماعى جديد فى السودان وبناء دولة المواطنة والعدالة والحرية .
ما يفوت الان على رئيس الحركة الشعبية "قطاع الشما ل" هو انه يتحول الى رئيس لقطاع (شمالى) بالمعنى الاثنى وليس الجغرافى الذى فرضه استقلال الجنوب . ذلك ان التذبذب فى تقرير موقف الحركة من اسقاط النظام انما هو مؤشر على ضعف ارادة فى قيادة المسار الصعب نحو التغيير الجذرى والذى بات حتميا ايضا للسودان . كما ان ما يراهن عليه الامين العام لقطاع الشمال ياسر عرمان من مشاركة القوى السياسية التقليدية القديمة اليسار منها واليمين فى عملية انشاء السودان الجديد انما تدل ايضا على التمسك بامال واهية وقد تكون مستحيلة . حيث ان التغيير المنشود يجب ان يتم عبر شروط جديدة للانتماء للوطن لا تأخذفى اعتبارها التمايز العرقى والاقتصادى الذى صاغه السودان فى دولته الحديثة المر الذى يهدد وجود تلك القوى لانها لا تستطيع الوجود والعمل الا داخل تلك الروط التى فى طريقها للاندثار .
ان الحرب التى يخوضها شعب جبال النوبة بأكمله الان ويتأثر بها من مختلف انتمائاته السياسية هى حرب بقاء ولا خيار فيها سوى الانتصار للمبادىء الانسانية التى تحمى شعب جبال النوبة من الابادة العرقية او الثقافية , كما ان طبيعة وجود جبال النوبة فى قلب السودان جغرافيا وثقافيا واثنيا جعلت هذه الحرب تمارس بوعى كامل من قبل شعب جبال النوبة وقياداته من الحركة الشعبية -جبال النوبة ، حيث يكون الهدف واضحا وهو اسقاط النظام وتوفير شروط جديدة لحكم السودان ولمواطنية كل السودانيين دون تمييز اثنى او ثقافى . فان التحالف مع حركات دارفور لا يجعل ما سمى ( تحالف الجبهة الثورية السودانية ) مغلقة على مناطق النزاع المسلح بل حسب الوثيقة المنشورة تمت الدعوة لكل القوى الوطنية للمشاركة فى هذا الحراك لتغيير النظام فى السودان .
الحرب الدائرة الان وقودها ويقودها ابناء جبال النوبة و تشرد اهل جبال النوبة ولكن المستفيد هو كامل السودان وعلى رأسه الحركة الشعبية قطاع الشمال حيث جلست فى موقف قوى فى اديس ابابا لتمارس ضغوطا على الحزب الحاكم عبر حرب لم يزل يتردد قائد قطاع الشمال فى دعمها . ومارس ضغوطه على المؤتمر الوطنى لضمان بقاء القطاع موجودا فى الشمال واستيجاد شرعية هذا الوجود عبر دماء شعب جبال النوبة , حيث يؤدى ذلك الوجود الشرعى لبقاء الحركة فى الشمال بذات الشراكة فى السلطة التى اوجدتها اتفاقية السلام , اى يبقى عقار واليا للنيل الازرق . ولكن شعب جبال النوبة يقاتل لاجل اهداف اكبر واكثر بعدا فى رؤيتها لمستقبل السودان الذى بالفعل يصنع الان !
على السيد عقار ان يحدد موقفا واضحا ويراجع رؤيته حول مصلحة منطقته والسودان ككل حيث التغيير الذى يحدث الان يتحرك بسرعة تعصى حتى على المتابعة والواضح ان العالم ايضا يمارس ضغوطا متزايدة على الخرطوم لكن التغيير الحقيقى يحدث دائما من الدخل ولذلك نرهن على التوحد فى الرؤى والعمل فى المرحلة القادمة . كما ان الخيارات التى يختارها اى من القيادات السياسية فى السودان وخاصة رئيس الحركة قطاع الشمال ستكون حاسمة تماما فى مستقبل الحركة والسودان و فى مستقبل عقار الخصى كقائد تحررى وسياسى وايضا مواقف الامين العام المرتبطة بشروط سودان قديم لم تعد موجودة سوف تكون مدمرة لمستقبله السياسى كما يبدوانه يراهن على الماضى وليس المستقبل .وهذا هو حال القوى ال سياسية التقليدية فى السودان . التى يراهن يراهن عرمان على فوائد التحالف معها وهى غائبة تمام عن اى رؤية عملية او عن ادراك لما يحدث من تغيير فى السودان بل ولا زالت تتوهم وجودها وقدرتها على التأثير والتى ما عاد يؤمن بها حتى منسوبيها وخاصة الشباب .
يواصل شعبنا فى جبال النوبة نضاله من اجل وطن افضل وعلى من يرغب فى مشاركة ثمار هذا النضال اثبات مواقف حقيقية ومؤثرة تسهم فى صناعة السودان الجديد الذى امن به جون قرنق الذى تمر ذكرى رحيله هذه الايام والذى نفتخر فى جبال النوبة اننا كنا من اشد انصاره والمحاربين الاكثر شجاعة الى جانبه ونهدى له انتصارات وصمود شعب جبال النوبة من اجل السودان الجديد الذى لا يلغى احدا والذى نأمل تتذكر مبادئه قيادة الحركة العبية فى الشمال وتتخذ المواقف المنوطة بها لتاريخ الحركة الشعبية ونضالاتها .
------------------------------------------------------------------------------------
جنوب كردفان و النيل الازرق من التالى ؟!
عاجل : ( دبابات الجيش السودانى تحاصر مدينيتى شندى وعطبرة وقصف واطلاق نار كثيف فى كل من مدنى واحياء من الخرطوم, مع استمرار العمليات العسكرية فى دارفور , جبال النوبة والنيل الازرق وشرق السودان )!!!
توالت فى الشهور الماضية الاعتداءات من الجيش الحكومى على الولايات التى تقطنها اثنيات غير عربية . كانت البداية بولاية جنوب كردفان ثم تلتها فى اقل من ثلاثة اشهر ولاية النييل الازرق . وهذه الاعتداءات اتسمت بقواسم مشتركة فى طريقة بدايتها , وفى درجة العنف فيها وايضا فى المبررات التى سيقت لها من قبل الحكومة . ففى كلا الاعتداءين كانت البداية غامضة حيث تبودلت الاتهامات بين الطرفين حول من بدا الهجوم , فالحركة الشعبية القت اللوم على مليشيات الحكومة والجيش السودانى ادان التخطيط المسبق للهجوم عليه . ولكن الغريب فى الامر هو حالة التجييش المسبقة للقوات الحكومية فى الولايتين قبل ايام من بداية الهجوم العسكرى , كما ان الاليات التى تم نقلها الى الولايتست بشهادة المواطنين كانت تثير خوفهم وتنبىء بالقادم . الحكومة السودانية التى تنفى تماما انها يدأت الهجوم تسارع الى اتخاذ الخطوات السياسية التى تثبت انها المستفيد الاول من الاعمال العسكرية وحالة الطوارىء التى تصبح قانونية فى حالة الفوضى الامنية التى بموجبها يتمكن الرئيس من اصدار ما يشاء من قوانين فى المكان المضطرب امنيا وبالتالى احكام السيطرة العسكرية عليه فى ما يشبه الاحتلال . وهذا السيناريو هو ما قامت به الحكومة فى النيل الازرق بسرعة مدهشة ففى اقل من 48 ساعة على بداية الاحداث وبدون اجراء اى تحقيق قام الرئيس بفرض حالة الطوارئ واعفاء الوالى واستبداله بحاكم عسكرى . فى جنوب كردفان كان الهدف اكثر تعقيدا فابعاد النوبة عن الساحة السياسية عبر تحويلهم الى متمردين وخارجين على القانون كان يحتاج الى مجهود اكبر رغم النجاح فى النهاية فى ازاحة النوبة و الاثنيات غاير العربية الاخرى فى جنوب كردفان من المشاركة فى السلطة بحجة تمردهم وانتمائهم للحركة الشعبية .
الحركة الشعبية العدو الشامل :
محاولات الانقاذيين للانفراد بحكم البلاد باءت بهزيمة كبرى عند اضطرارهم على مضض للاتفاق مع الحركة الشعبية فى نيفاشا لانهاء الحرب التى اصبحت خاسرة فى كل الحسابات الاقتصادية والسياسية والدولية ايضا . هذا الوضع الجديد الذى فرضته الاتفاقية ادى الى مشاركة حكم البلاد مع البلاد مع الحركة الشعبية التى كانت بدورها تسعى الى تمثيل كافة المهمشين حسب ادبياتها , اى السودانيين الافارقة الاصل الذين ام يحظوا بفرصة المشاركة العادلة فى حكم السودان او فى التحكم فى ثرواته . ولان الهدف الاساس من الاتفاق مع الحركة الشعبية كان فقط وقف الحرب التى اصبحت غير قابلة للاستمرار وليس تحقيق المشاركة الحقيقية فى الحكم للحركة او من تمثلهم من المهمشين , فان شرط الاتفاقية فى تقرير الجنوبيين لمصيرهم باعتبارهم القوة المهمشة الاكثر تنظيما وعددا فقد ادى بهم الامر الى اختيار يناء دولة منفصلة يحكمونها بانفسهم دون مشاركة احد ولا حتى حلفائهم من المهمشين الاخرين . الواقع المعقد الشديد التشوه الذى نشأ عن هذا الوضع هو عملية بتر الجنوب باعتياره المهدد الاكثر خطرا على الانقاذ من اى معارضة او اى خطر خارجى اخر , والاستفراد بالسودانيين الافارقة الباقين داخل خريطة السودان المقسم الشديدى البعد جغرافيا عن بعضهم والاقل تنظيما سوى من وحدتهم داخل الحركة الشعبية باثتثناء حركات دارفور الجديدة نسبيا فى دخول الصراع المنظم ضد نظام الخرطوم . وهذه الوجود تحت مظلة الحركة الشعبية خاصة بما يعرف بالمنطقتين فى كل من النيل الازرق وجنوب كردفان كان الفرصة الذهبية للكيزان فى شن ما يعتقدون انه معركتهم الحاسمة والاخيرة ضد ما تبقى من الخطر الحقيقى على وجود الكيزان ومشروعهم العنصرى الاحادى التوجه , وهم السودانيين الافارقة والمتضررين الحقيقيين من هذا المشروع ليس فقط لانه يلغى وجودهم كمواطنين ذوى حقوق بل ايضا لانه يستهدفهم عرقيا باعتبار اختلافهم العرقى و الثقافى وبالتالى تهديد الوحدة الثقافية التى يريدها الكيزان لفرض سيطرة محكمة وسهلة على السودان .
المعارضة الصديقة :
حظى نظام الانقاذ بمعارضة صديقة وذات علاقات حميمة وقريبة مع الحكومة الحزب . حيث ان الاحزاب التقليدية الطائفية ذات التوجه الدين وجدت نفسها قادرة فى المرحلة الراهنة على التغاضى عن الصراع حول السلطة الذى ظلت تمارسه فى السنوات الماضية ما قبل نيفاشا تحت لافتات الديمقراطية والحرية , تغاضت عنه لصالح مصالحها الاستراتيجية فى البقاء من الاساس فى وجه الحراك السريع لقوى السودانيين الافارقة البعيدين عن هذه التنطيمات الدينية فى مصالحهم الحالية والمستقبلية مع التاريخ المءسف لهذه القوى فى فترات سيطرتها على الحكم فى علاقتها معهم اضافة الى الازمة الحقيقية فى هذه العلاقة التى تفرض فى وجودها الانتماء المسبق الى الثقافة الاسلامية والعربية اضافة الى العنصرية والتمييز العرقى الممارص من قبل هذه القوى فى داخلها كتنظيمات دينية اجتماعية ومسيطرة اقتصاديا فى مرحلة ما قبل الكيزان , غير انها لازالت مكون اساسى فى توجيه المجتمع السودانى سياسيا ةثقافيا واجتماعيا الامر الذى يجعل وجودها مرتبطا تماما باستمرار تركيبة المجتمع السودانى فى شكلها الحالى وكذلك شكل الحكم وتوزيع الثروة والسلطة . وبالتالى فان عملية تحلل النظام الحاكم فى السودان تعنى نهايتها هى اضا رغم محاولاتها المستميتة لصناعة تحالفات مع القوى الافريقيى كما فعل حزب الامة منذ ايام بتوقيع اتفاق نع حكومة الجنوب فى محاوبة منه لعقد حلف استراتيجى قد يؤجل عملية تحلله مع النظام القائم .
الحرب النهائية ام نهاية الحرب :
النظام الحاكم يقود حملته العسكرية الاخيرة ضد اعدائه الذين يراهم مفككين واكثر ضعفا ويحظون بدعم ضعيف داخليا وخارجيا , ولكن ما لا يعيه النظام ان اهمية هذه المعركة يكمن فى توقيتها ليس بالنسبة للحركة الشعبية الضعيفة ولكن بالنسبة له هو . فالنطام يخوض معركة الذى لا يستطيع خسارة شىء لا السلطة ولا المال والوقت ولكن فى المقابل الحركة والسودانيين الافارق الذين يحاربون الان ليس لديهم ما يخسرونه على الاطلاق وكل ما يستطيعون فعفله هو القتال دفاعا عن انفسهم واهلهم وارضهم , وهذه حرب يمكن ان تطول والوقت كما ذكرنا امر لا يستطيع الكيزان خسرانه فالازمات الاقتصادية والضغط الدولى يزداد مع الوقت . وفى المقابل فان المقاومة تزداد تنظيما وتكسب حلفاء جدد . غير ان النهاية لهذا النظام فى حالة استمرار المقاومة له عسكريا فقط سيطسل من عمره ويودى بحياة الالاف قبل تدميره او استسلامه والضحايا فى اغلبهم سيكونون من المدنيين كما يحدث الان فى الحروب اذ ان النظام يقصف المدنيين بلا هوادة , لذلك تبقى المقاومة المدنية من المركز وامتدادته عامل رئيسى فى التعجيل باسقاط النظام والاهم ان التحالفات التى ستنجم عن هكذا تنسيق بين القوى الاجتماعية قبل السياسية وهنا اخص التنظيمات الاهلية المناهضة للنظام بوضوح لاسباب متعلقة باضرار مباشرة تعرضوا لها من اشكال الظلم المختلفة من اعتداء على الاراضى وبطالة وافقار وكبت للحريات . وهذه التنظيمات هى مناطقية وقبلية احيانا كما ان بعضها مهنى او فئوى , كما ان الطبقات الاجتماعية ذات الدخل المرتفع ايضا تشكل جزءا من هذا الحراك حيث ان الحريات المكبوتة هى عدو رئيس للازدهار الاقتصادى فالموارد كلما ازدادت احتاجت لحرية اكبر للاستمتاع بها . اما الطبقات الاكثر فقرا فهر دائما المتضرر الاكبر والاكثر استعدادا وتأثيرا فى نجاح مقاومة النظام من الداخل واسقاطه .
ان نهاية مأساة السودان فى الحكم الاحادى والعنصرية والحرب المستمرة تبدو قريبة جدا فى حال العمل المشترك الجاد لانهائها , وهذا العمل رغم ان الكثير منه يبدو انه عسكرى لكن الحكمة ترجح العمل المدنى المشترك ليس فقط لاسقاط النظام ولكن اولا لتحقيق وحدة حقيقية بين السودانيين حيث ان الدماء التى سيريقها النظام فى محاولاته الاخيرة للبقاء والتى لن تستثنى حينها احدا فسيتساوى السودانيين ( عبيد واولاد بلد ) امام فوهات بنادق مليشيات النظام عندما يخرجون رافضين لبقائه مطالبين برحيله . والا فان الحرب ان كانت وحدها هى وسيلةاسقاط النظام واستمر السودانيين الافارقة فى الموت وحدهم والتضحية وحدهم فان الحرب لن تنتهى الى اسقاط النظام فقط بل الى تدمير الفرصة الوحيدة لتحقيق وحدة حقيقة بين السودانيين حيث نضحى جميعا لاجل هذا الوطن فتتحد دمائنا وهى تسيل على ارض هذا الوطن من اجل مستقبل بلا حروب . اهل جبال النوبة ودارفور والان النيل الازرق تروى دمائهم هذه الارض على مدار الساعة فهل هذا الوطن لهم وحدهم ام لهم فيه شركاء ؟ هذه الفرصة الاخيرة ماثلة امام من لا زالو يتفرجون ويكتفون بالكلام لدفع اسهمهم كشركاء فى هذا الوطن !!
--------------------------------------------------------------------------------------------
مؤامرة تغيير اسم جبال النوبة : تزوير التاريخ وانكار الجغرافيا
فى الفترة الماضية وبعد الحرب التى شنتها حكومة المؤتمر الوطنى على اهل جبال النوبة , بدأت ظاهرة التغول على القضية من قبل كثير من المرتزقة والانتهازيين الذين لا ينتمون لمنظقة جبال النوبة وليس اى حق فى التكلم باسم اهلها ناهيم عن التشدق بالتصريحات والتحليلات وما يدعون انه معلومات من ارض الواقع فى المنطقة . هذه الظاهرة من الظواهر الخطيرة التى تؤشر على عملية مدبرة من قبل النظام الى التدخل السافر فى وسط النوبة وتشيه قضيتهم بل وتمحاولة تفكيك النسيج الاجتماعى عبر الاكاذيب التى يطلفها هءلاء المرتزقة . وهاهو السفير السودانى الجديد فى تشاد وبلا مبرر مقهوم كما اورد بيان رابطة ابناء جبال النوبة بوسط وغرب افريقيا الصادر فى 28 اكتوبر الجارى فى موقع سودانيز اون لاين والذى اوضح تفاصيل لقاء عقده السفير عباس عربى فى 17 سبتمبر للتنوير حول قضية جبال النوبة والنيل وكان من المتحدثين رجل لا ينتمى لجبال النوبة بصلة يدعى "حامد على عربى " وهو مجرد معلم معار لا صفة سياسية ولا يمثل اى تنظيم او قبيلة وانما يمثل سياسة المؤتمر الوطنى وخططه فى جبال النوبة , اضافة الى انه حسب البيان سجل اعترافا بانه قاتل الى جانب الحكومة فى جبال النوبة ودعا كما فى البيان الى (تغيير اسم جبال النوبة من هذه المنطقة وأن هذه المنطقة تسكنها مجموعات مختلفة لذلك يجب إلغاء هذا الإسم) كما انه ادعى ان (الحرب في جنوب كردفان هي حرب عنصرية بين النوبة والعرب ) واضاف ان ( الحرب في جنوب كردفان هي حرب دينية وطائفية بين المسلمين والمسيحيين ) . ولان الغرض واضصح من هذه الاكاذيب والمحاولات الرخيصة "لدرفرة "- تحويلها الى دارفور اخرى - جبال النوبة , ففى هذا المقال اردت توضيح الوضع التاريخى والجغرافى لمنطقىة جبال النوبة لابانئها قبل الغرباء عنها حتى لا يتأثروا بهذه المحاولات لتفتيت القضية وتحويلها عن مسارها الذى يستهدف التغييرالجذرى للمركز وسياساته تجاه الشعوب الاصلية فى السودان ووقف حالة نهب وتبديد الموارد وادخال المناطق الغنية بالموارد فى حلة حروب دائمة لتجميد الموارد وايقاف استلالها بالوسائل الصحيحة من قبل اصحابها . وهذه نبذة فى تقديرنا مختصرة جدا عن جبال النوبة تاريخيا وحغرافيا وسكانيا واحقية اهلها من النوبة بها وبان تسمى باسمهم ويسمون باسمها بل وان المنطقة واهلها هم اصحاب الحضارات القديمةوالتى تؤرخ لوجود السودان بأكمله فى الاصل .
جبال النوبة الموقع والجغرافيا :
تقع منطقة جبال النوبة فى الجزء الاوسط من جنوب غرب السودان و ذلك فى خطى طول 29 و31 درجة شرقاً وخطى عرض 12 و 30 درجة شمالاً تبلغ مساحة المنطقة 30000 (ثلاثين الف ميل مربع) اى ما يعادل مساحة اسكتلندا .وهى منطقة سافانة غنية تهطل عليها امطار صيفية غزيرة تروى الارض بالمياه العذبة التى تكفى لآستواء المحاصيل الزراعية خلال الموسم الزراعى في الخريف . ويقطن جبال النوبة ما يقدر ب 2-3ونصف مليون نسمة والاحصاءات المتوفرة غير دقيقة نسبة لنزوج السكان المكثف خلال فترات الحروب التى توالت على المنطقة .
من المدن: توجد فى منطقة جبال النوبة مدن كثيرة واكبر هذه المدن هى الدلنج , كادقلى, هيبان, الضباب, رشاد, سـلارا, لقاوا, كيلك . كما هناك مناطق تجمع للسكان عبارة عن مدن صغيرة منتشرة على مساحة واسعة من المنطقة وهى ميرى برا , مير جوا, كرنقو, قـلفان ( الأجنق ), انقولو, تيرا, اطورو, تيمين , ليما, كانقا, ماسنق , كوفا, دقليك , الاخوال, ماسنق, شاد, انقركو, كحليات ,كواليب, الكدرو, الداير, تلشى , المورو, تيس تيسى , مندل , لقورى , سبوري, تلودى, امبرام ,الحجرات, تيما, كمدا, كاودا, و هناك العديد من المناطق الآهلة بالسكان الاخرى لكنها اشبه بقرى كبيرة .
واهم معالم المنطقة وتضاريسها الجغرافية التى اكتسبت منها اسمها هى الجبال اذ تجسم فى منطقة جبال النوبة سـلـسلة شـاهـقــة من جبال القرنيت الصـلب يبلغ ارتفاع بعـض الجبال قرابة 5000 (خمس الف قدم ) فوق مستوى سطح البحر ومن الجبال العالية جبل تمدين الذى يقع شمال غرب منطقة رشاد حيث يبلغ ارتفاعـه 4789 قـدم وجبل داير حيث يبلغ ارتفاعه 4635قـدم فوق مستوى سـطح البحر . كما ان كل المساحة التى تغطى منطقة جبال النوبة ارض زراعية خصبة غنبة بالوديان الطينية و الرملية تكسوها النباتات و الحشائش الطيبة بشكل كثيف .
جبال النوبة التاريخ والجذور :
وكلمة نوبة التى تشير الى الشعب والثقافة كلمة قديمة قدم التاريخ . لقد كان أول من أطلقها عليهم المصريون في عهد الملك (أمنحات) وكانوا يعنون به اولئك الذين ينجمون عن الذهب جنوبي مصر وشمال مروي فاسم (نوبة) مشتق من كلمة (نبا) بمعنى الذهب، وعلى الرغم من ظهور بعض الاراء الحديثة التي ترفض ربط الكلمة باصلها المصري، فقد وجدت كلمة نوبة في كتابات “توتموسيس الاول” في توميس شمال كرمة . والثابت ان كلمة " نونو" هي اصل كلمة نوبة والتي تعني الذهب في اللغة النوبية الان .كما انه من سواد النوبة أطلق الجغرافيون والمؤرخون العرب و أولئك الذين حكموا مصر حتى القرن السابع الميلادي اسم السودان أو بلاد السودان على الأرض والأمة وراء أسوان يعنون بهم النوبة والبجا وسكان غرب افريقيا وجنوب الصحراء الكبرى والحضارة السودانية في القرون الوسطى , ثم شمل كل الأقاليم شمال البحيرات العظمى .
ان سلالة النوبة ليست سلاله زنجية ولا عربية , بل هي سلالة قائمة بذاتها وهي من انبل السلالات التي مرت علي الارض وفيها اعظم الحضارات هي حضارة كوش , والتى كانت اول مملكة ظهرت بعد الطوفان مباشرة , واول ملك لها هو النمرود بن كوش بن حام بن نوح . فالسلالة النوبية كانت سلالة واحدة فسلالة نوبة السودان هي امتداد لسلالة نوبة مصر , فدخلت عليهم السلالات الزنجية الاسلامية والاروبية عبر التزاوج فتمازجت هذه السلالات وكونت هذه السلالات التي نراها اليوم . فالنوبة الان هم ناتج اختلاط كل القبائل التي تمازجت معها سلالتهم . فاذا نظرنا الي الاثار والحضارات الموجوده في السودان القديم ومصر نجدها متصلة تماما بحضارة النوبة .
نجد ان ممالك النوبة القديمة منذ مملكة كوش , مرورا بمملكة مروى ومملكة دنقلا واخيرا سوبا , حظيت بملوك فى غاية القوة والطموح فقد وصلوا الى حدود المتوسط والاطلسى وحتى الهند مرورا بمعظم افريقيا . ومن هؤلاء الملوك العظماء :
كاشتا 806 - 751 ق م , الملك بعانخي ملك نبته 747 - 716 - الملك تهراقا 689 - 664 - كوركي ملك مصر
واركماني ملك مروي -وسلكو ملك نوباتيا -وشكنده ملك علوه ودنقلا - وداؤد الثاني ملك دنقلا - الملك وماى ثنيلا
والملك تانوت اماني 653 ق م _ وكير كير ملك تقلارو (تقلي حاليا) - - والملك اماني والملك شباكو 707 - 696 ق م
والملك كال كي . ومن الملكات :
الكنداكة مروي - ونفر كاكا شتا - ونفرتيتي - وتابري زوجة الملك بعانخي - واماني تيرى - واماني شخت
والملكة تي في مصر . وهؤلاء الملكات والملوك وغيرهم فرضوا سلطتهم على مساحات شاسعة من العالم عبر التاريخ وليس السودان فقط .
المجموعات السكانية فى جبال النوبة :
- مجموعة الكواليب: وهي اكبر المجموعات وتضم الكواليب ومورو وهيبان واتورو وتيرا وليرا وام حيطان والهدرة وكاو ونارو وفنقر وشاويه.
- مجموعة النمانيج: وتضم قبائلها القاطنة القرى التالية : النتل وتندرية وسلارا وكلارا وكرمتي(هل تعني تيمنا بارض الجدود كرمةفي الشمال) وحجر سلطان و والفوس وافتي التي تسكن شرق جبل الدائر.
- مجموعة تلودي والمساكين وتضم قبائل تلودي والمساكين واجرون وكلولو وقبائل طجة وغيرها.
- مجموعة لفوفا وتضم لفوفا واميرا وقبائل اخرى.
- مجموعة تقلي وقبائلها: الرشاد وكجاكجة وتقوى وتملي وترجك وتكم ووتيشان واخرى.
- مجموعة كادقلي: وتضم قبائل كادقلي كرنقو وميري وتلشي وكاتشا وكمدة واخرى .
- مجموعة تيمن وتضم قبائل كيقا وجرو وتيمن وسرف الضي وتيسي واخرى.
- مجموعة كتلا وقبائلها: جلد وتيما واخرى.
- مجموعة الاجانج: وتضم قبائل الجبال السته وهي ( كرورو وكدرو كافيرا وكلدجي ودباتنا ووكارتالا بالاضافة لقبائل كاركو وغلفان ووالي وفندا كاتشا وطبق وابو جنوك والدلنج والكدر والشفر وكجوريه وقبائل كاجا وكتول في شمال كردفان واخرى.
- مجموعة الداجو: وتضم شاتاتا لقوري ابو سنون وتلو واخرى .
- مجموعة الدواليب فهم نوبة مختلطون مع العرب فقدوا جزء من تراثهم النوبي وهم يسكنون شمال كردفان والروايه تقول ان الدواليب جزء من الكواليب (نفس الاسم قرية في وادي حلفا) .
جبال النوبة الماضى والحاضر المتصل:
الربط التاريخى بين النوبة الذين كانو جزئا مؤسسا فى الحضارة الانسانية ومناطقهم التاريخية فى شمال السودان الحالى ووجودهم فى منطقة جبال النوبة الحالية نتج عن الهجرة المكثفة من الشمال حين دخل الاسلام السودان وتم غزو مملكة دنقلا المسيحية فاضطر اهلها حفاظا على ثقافتهم ودينهم المسيحى انذاك التوغل جنوبا . ومن هنا يتضح العلاقة القديم للنوبة بالمسيحية , ولكن النوبة ايضا انفتحوا على الدين الوافد ودخلت مجموعات كبيرة منهم فى الدين الجديد واختلطت بالوافدين العرب والمسلمين , ولهذا التاريخ الطويل لتواجد الدين المسيحى والاسلامى اضافة الى الاديان التقليدية التى لم تندثر حتى فى ظل مملكة دنقلا المسيحية حيث احتفظ بعض النوية باديانهم الاصلية , فان الحرب على الاساس الدينى لم تكن يوما موجودة فى جبال النوبة الا عند وصول الكيزان واعلانهم الجهاد على شعب النوبة فى اوائل التسعينات , وحتى حينها لم والى الان لم ينجرف المجتمع فى جنوب كردفان الى حالة الاستقطاب الاثنى والدينى الحاد التى يخطط المؤتمر الوطنى لقيادة المنظقة اليها .
ونتيجة ليأس المؤتمر الوطنى من تحقيق انتصارات على الارض وفرض سيطرتهم على المنطقة . فانهم يريدونها حربا قبلية ودينية تحرق جبال النوبةواهلها ببعضنهم البعض وتخلى المنطقة من اهلها اصحاب الحق ويوطن امثال المدعو " حامد ", - وهذه الخطة ليست بجديدة على المركز الحاكم فقد حاول الصادق المهدى ايضا تغيير التركيبة السكانية فى جبال النوبة وتفتيتها فى الديمقراطية الاخيرةا - وهذا لتستفرد الانقاذ وعصايتها بالارض بعد ابادة شعبها . ولكن النوبة بكل قبائلهم وقواهم المدنيةوالعسكرية فى وعى تام لهذه المؤامرات ولكن يجب ادارة هذه المرحلة باقصى درجات الحذر واحكام الروابط الاجتماعية والسياسية فى المنظقة لافشال هذه الخطط . وابناءالنوبة هم الوحيدون الحقيق بهم التعبير عن قضيتهم وليس الانتهازيون الذين يعتلون منابر الاعلام والفضائيات والسفارات مستغلين دماء وارواح النوبة , وهذا ما لن يسمح به ابناء النوبة الذين يفضحون هذه المؤامرات ويستغلونها لتوحيد صفوفهم وتحقيق الحرية والعدل لاهلهم ومنطقتهم ووطنهم. فجبال النوبة ستظل لاهلها النوبة الذين سميت عليهم والذين يرحبون بكل من اتاهم والذين استضافوا زجازرز معظم قبائل السودان فى ارضهم لمئات السنين , والجبال ستظل شامخة شاهدة على تاريخها ومنتمية لهم ووفية لهم وهاهى تحميهم من قصف الطائرات تأويهم فى كهوفها وتحتضنهم كما الام بابنائها .
---------------------------------------------------------------------------------------------------