أديب: تغيير ثقافة الاستعلاء باحترام حقوق المواطنة والتعدد والتنوع
إدريس: هجمة الخصخصة طالت القطاع العام وغياب الشفافية
الراية-الدوحة - طارق الشيخ:
خلص متحدثون قانونيون إلى أن التغيير آت وأن السودان ليس بمنأى عن "الربيع العربي" وحان الوقت للعرب أن يلتفتوا إلى ما يجري في السودان وما يواجهه الشعب من قهر، وشددوا على ضرورة بناء دولة القانون والمواطنة واحترام الحريات العامة وحقوق الإنسان من خلال مؤسسات وطنية تحمي هذه الحقوق، وأن يتم تغيير ثقافة الاستعلاء، وسيادة المواطنة حيث يتساوى الجميع دون تمييز، وعلى أساس من التسامح، واحترام التعدد والتنوع العرقي والثقافي والديني، ومحاربة الفساد. وشددوا على ضرورة وقف الحرب في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، والحفاظ على ما تبقى من السودان، وتمتين العلاقات الأخوية مع دولة جنوب السودان أملا في استعادة الوحدة على أسس جديدة.
جاء ذلك خلال ندوة نظمتها رابطة القانونيين السودانيين بدولة قطر مساء الخميس بفندق ملينيوم حت عنوان:"المواطنة كأساس للحقوق في الدستور السوداني" وتحدث خلالها الأستاذ، فاروق أبوعيسى، رئيس الهيئة العامة لقوى الإجماع الوطني، الأمين العام الأسبق لاتحاد المحامين العرب، المعارضة لحكم الإنقاذ، والأستاذ نبيل أديب، والأستاذ التجاني حسن إدريس، المحاميان والناشطان في حقوق الإنسان وأدارها الدكتور والخبير القانوني محمد سعيد. وقدم الأستاذ أزهري عبد الرحمن رئيس الرابطة كلمة ضافية، مرحبا بالمتحدثين ونوه بمسيرتهم في العمل الوطني وسيرتهم القانونية الرفيعة، مشيرا إلى أهمية موضوع الندوة، ودور الرابطة في التنوير بالقضايا القانونية وكل قضايا وهموم الوطن.
ربيع السودان
أشاد الأستاذ، فاروق أبوعيسى، رئيس الهيئة العامة لقوى الإجماع الوطني، بجهود دولة قطر في سلام دارفور، ومناصرتها للشعوب في ربيعها العربي، معتبرا ما قامت به القيادة القطرية في سلام دارفور جهدا طيبا وخيرا و"دينا في رقبة كل سوداني"، وثمن مواقفها المبدئية والأخلاقية في مناصرة الشعوب ورفضها للقهر من أجل كرامة الإنسان،وقال أبوعيسى إن رسالتنا إلى إخوتنا في قطر والسعودية والدول المحبة للسلام والحرية، أن تلفت إلى ما يجري في السودان، لأن الواقع غير مقبول سياسيا وأخلاقيا،حيث القتل والحرب وانتهاك حقوق الإنسان.
ورد بسخرية على ما ردده بعض المسؤولين السودانيين بأن السودان عاش ربيعه منذ 1989، بقوله"ظز في ربيع الانقاذ" وأن ربيع الشعب السوداني سيأتي لا محالة بإسقاط النظام، وإقامة حكم ديمقراطي يحترم حقوق الإنسان،مشيرا إلى أن السودان مزود بتجارب في صناعة الثورات والانتفاضات في 19964 و1985، وتحدث عن آليات قوى الإجماع الوطني للتغيير، لتكون الثورة شاملة من خلال "ميادين تحرير" في كل السودان، بمشاركة كل الشعب والقوى الحديثة ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب،وهذا البرنامج مدعوم من 45 حزبا ومنظمة منذ عام 2008،وتم تطويره عام 2009 بعد مؤتمر جوبا، وأهم بنوده الحوار الوطني والعمل على إسقاط النظام وقبره نهائيا وإقامة حكومة انتقالية تعالج القضايا الساخنة في مقدمتها وقف الحرب وتلبية مطالب أهل دارفور في المشاركة وقسمة السلطة والثورة والإقليم الواحد وكذلك الحال بالنسبة لجنوب كردفان والنيل الأزرق والشرق، والعمل على استعادة وحدة السودان على أسس جديدة والعلاقات الأخوية مع جنوب السودان،إلى جانب برنامج لحل الأزمة الاقتصادية وبناء دولة المؤسسات القائمة على الفصل بين السلطات واستقلال القضاء وحرية التعبير والصحافة واحترام حقوق الإنسان.
حقوق المواطنة
شدد الأستاذ نبيل أديب، على ضرورة احترام حقوق الإنسان في السودان، وأن تكون المواطنة أساس الحقوق، واحترام الحريات والتنوع العرقي والديني والثقافي، وأن يتم تغيير ثقافة الاستعلاء السائدة لدى الأغلبية، مستشهدا بالتطور في الدستور الأمريكي وخاصة التعديل الرابع عشر الذي أنهي التمييز بسبب العرق خاصة للزنوج العبيد الذين كانوا لا يتمتعون بحقوق متساوية مع المواطن الأمريكي، كما قدم أديب تجربة جنوب أفريقيا من خلال الدستور المؤقت في 1994 حيث تبنى مبادئ لا يجوز خرقها، إلى جانب فقه التغييرات الدستورية وبات الدستور من الدساتير الناجحة في أفريقيا،، ودعا إلى وجود مؤسسات وطنية معنية بحقوق الإنسان، وأن مفوضية حقوق الإنسان جزء من الدستور ولم يصدر قانونها إلا في 2009، وانتقد أديب الانتهاكات لحقوق الإنسان وكرامته، وحرية التعبير والصحافة التي تواجه المصادرة وباتت خاضعة للرقابة القبلية. وتحدث أديب عن النموذج للدستور من خلال الإطار النظري والضمانات ومن خلال وثيقة الحقوق والحريات والقضاء المستقل والمبادئ فوق الدستورية.
مشروع الجزيرة
تناول الأستاذ التجاني حسن محمد إدريس، المحامي المعروف بدفاعه عن القضايا التي تهم المواطن السوداني، وهو ناشط في مجال حقوق الإنسان، ومن أبرز القضايا التي دافع عنها قضية ملاك مشروع الجزيرة، وقضية راديو دبنقا. ركز في حديثه على الظلم الذي وقع على أصحاب الأرض في مشروع الجزيرة، والمنهج الحكومي في خصخصة القطاع العام وبيع مؤسساته بعد تجفيفها ومنع التمويل عنها لتبدو وكأنها خاسرة لتباع بثمن بخس ويشرد العاملون فيها وأن هذه الهجمة طالت مشروع الجزيرة بعد أن شملت النقل الميكانيكي والنهري حيث بيعت آخر باخرتين، وسودانير..الخ، وأن هذه الهجمة جاءت في ظل غياب آليات الشفافية والنزاهة ومحاربة الفساد وعدم وجود الحكم الرشيد.
قدم التجاني فذلكة تاريخية لمشروع الجزيرة الذي يعد من أنجح مشاريع الاستعمار البريطاني في العالم، وكان عماد الاقتصاد السوداني، ويتميز بجدوى اقتصادية وتربة أخصب، ومساحته 2,2 مليون فدان، وفيه بنية تحتية قوية وشبكة ري انسيابي الأولى من نوعها على مستوى العالم.
وقانونيا، ترافع هو وزميلاه،مصطفى عبد القادر وحمزة خالد، عن ملاك الأرض،2011 حيث صدر قرار جوهره: نزع ملكية الأراضي التي تعود للعام 1925 وتعويض أصحابها 1585جنيها بعد خصم 400 تكلفة البنية التحتية ليصبح التعويض 1185 ولكن لجنة مدنية عام 2005 برئاسة المستشار أحمد الفكي قررت أن التعويض 3850 للفدان،معتبرا أن القيمة قضية حقوق ينبغي ألا تهدر بقرارات ظالمة لأن الملاك توارثوا الأرض بقانون 1925 والدولة تستأجرها منهم منذ ذلك الوقت وكانت تدفع ريال مجيدي "الفضي المصري" وذلك حتى عام 1968،مشيرا إلى دعوى الملاك التي صدر فيها قرار.
وكما هو معلوم فإن المحكمة العليا بمدنى أصدرت قرار بطلان كل إجراءات اللجنة الفنية لبيع أراضي مشروع الجزيرة. وخلص التجاني إلى أن قضية ملاك أراضي مشروع الجزيرة تمثل وجها من وجوه حقوق المواطن ومظهرا للفساد ولانتهاك هذه الحقوق، وعادت الحقوق لأهلها، وكشف عن حقيقة مذهلة أوردتها جهات علمية رصينة، بأن الجزيرة تعتبر نهاية تدفق نفطي في العالم، ويبدأ مساره من بحر قزوين والهلال الخصيب مرورا بالسعودية والبحر الأحمر لينتهي هذا الخط في السودان وعند الجزيرة تحديدا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق