Osman Naway Post

Osman Naway Post
لكل الكتاب وخاصة الشباب ارحب بنشر مقالاتكم على المدونة فقط راسلونى على الايميل nawayosman@gmail.com

الثلاثاء، فبراير 28، 2012

هل هي الحــرب ؟!


الصحافة-تقرير : ماجد محمد علي : هل هي الحرب بين الشمال والجنوب ؟ هذا هو السؤال المطروح بشدة في مختلف الدوائر الإعلامية والسياسية فور توارد الأنباء عن المعركة الحامية التي تدور حول مناطق جاو بحيرة الأبيض جنوب كردفان على الحدود الدولية بين دولتي الشمال والجنوب. وما قد يعزز من إتجاه التطورات الى ذلك حدة رد الفعل الحكومي والذي ذهب الى أن حكومة جوبا تقف خلف هذا الهجوم عدةً وعتاداً ورجالا، وهو الإتهام الذي حاولت جوبا رده للتأكيد على أنها لا علاقة لها بالذي حدث وأن الجبهة الثورية التي تضم فصائل سودانية شمالية معارضة هي التي تقوده. وتأتي هذه التطورات بعد مسيرة طويلة من الحوار المتعثر من الجانبين حول القضايا العالقة من مرحلة ما قبل الإنفصال، فضلاً عن تداخلات الأزمة الناشبة في المنطقتين بين قطاع الشمال في الحركة الشعبية الذي يقوده مالك عقار رئيس الجبهة الثورية من جهة، والمؤتمر الوطني من جهة أخرى. ورغم أن الحرب التي إندلعت في جنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان في الشهور الماضية ظلت محدودة النطاق وتتخذ من إستراتيجية «حرب الغوريلا» منهجاً، فإن الهجوم الأخير على جاو دشن مرحلة جديدة من الصراع المسلح لن تنتهي إلا بتحقيق أحد طرفيه أهدافه ومراميه سواء أن كانت بعيدة أو قصيرة المدى. وهذا ما يدعم من فرضية حدوثه القيادي بحزب الامة القومي الدكتور عبد الرحمن الغالي مستنداً على أن طريقة إدارة الأزمة في جنوب كردفان والنيل الأزرق كانت تشي بقرب إنزلاق شمال السودان وجنوبه في مواجهة شاملة،
إذ أن الحرب كانت تدار بالوكالة عن الخرطوم وجوبا، مشيراً الى ان العاصمتين في إطار خلافاتهما حول تلك القضايا كانتا تقدمان دعماً ما الى أعداء كل منهما. ويعتبر الغالي في حديثه لـ الصحافة عبر الهاتف امس عن خشية واضحة من أن تتحول المواجهات التي تدور الآن في جاوا وما حولها الى حرب شاملة، وذلك في ظل عدم حسم الكثير من القضايا على طاولة المفاوضات وهو ما أرجعه الى تمترس الطرفين «خلف الطريقة القديمة المتبعة لحل الأزمات». ويقترح الغالي لحسم الخلافات في جنوب كردفان والنيل الأزرق أن يتم الإتفاق اولاً على طريقة لمنح أهل الولايتين كافة حقوقهما، مستدركاً «طبعاً في إطار وحدة السودان الشمالي»، ومضيفاً أن هذا سيفتح الباب أمام الوصول لحل يعالج القضايا المختلف حولها مع السودان الجنوبي، بخاصة وأن حل تلك القضايا في غاية السهولة إذ أن البترول والحدود على سبيل المثال يمكن أن يتم تسويتهما إستناداً على التجارب الدولية. وربما لهذا يمضي الدكتور عبد الرحمن الغالي ليحمل ما دعاه بغياب الإرادة السياسية في الخرطوم وجوبا مسؤولية الفشل في معالجة القضايا العالقة بل ربما تعقيدها وتصعيد الأوضاع الى حافة الإنفجار، مطالباً باللإحتكام في حل الخلافات بين الشمال والجنوب الى خارطة طريق قومية بآليات جديدة تتعامل مع الأزمة.
غير أن بروفيسور حسن الساعوري لا يرى في العمليات العسكرية المحتدمة في جنوب كردفان نذر حرب شاملة بين دولتي الشمال والجنوب، فقد عد هذه العمليات «مجرد ضغوط» من الجنوب تستهدف جولة المفاوضات القادمة في أديس أبابا. ويقول الساعوري : صحيح أن جوبا تقدم دعماً كبيراً للحركات المسلحة، إلا انه لم يمكنها من حسم الصراع في النيل الأزرق وجعلها تحوز فقط على جيوب في جنوب كردفان. ويؤكد الساعوري أن الهجوم الأخير في جنوب كردفان يستهدف القضاء على الإتفاق الذي تم في الأسبوع الماضي بين دينكا نقوك والمسيرية، رغم ان طبيعة ذلك الإتفاق كانت إجتماعية وليست بسياسية، غير أن أهميته تكمن في أنه أرسى لاستمرار عملية التعايش بين الدينكا والمسيرية دون اللجوء الى العنف، معتقداً أن هذا ما قد لا تسمح به جوبا لذلك أرادت الإجهاز على الإتفاق. كما يرى الساعوري أن جوبا أرادت بهذا الهجوم أن تقضي على الإتفاق الأمني الموقع أخيراً بين الجنوب، ويقول إن الهدف الأخير والأهم عندها هو إستباق جولة المفاوضات القادمة في العاصمة الأثيوبية بممارسة مزيد من الضغوط على الحكومة إستخداماً للكروت التي تملكها. ويعود المحلل السياسي ليقطع بعدم تطور العمليات العسكرية الجارية في جنوب كردفان الى حرب شاملة، مرجحاً بأن الحكومة تعلم بنوايا جوبا من هذا التصعيد، مضيفاً «لذلك لم تذهب الحكومة بالمواجهة العسكرية الى مستويات متقدمة»، وزاد الساعوري «لو أرادت ذلك لإستخدمت الطائرات ودكت القوات المهاجمة تماماً». غير أن الساعوري أيضاً يعود ليربط تصعيد هذه المواجهات الى مستويات شاملة بإستمرار الهجوم الحالي وإستهدافه التوغل في جنوب كردفان، لأن ذلك كما يؤكد سيدفع الخرطوم الى الرد المناسب وهو ما قد يقودنا الى الحرب الشاملة.
على أن قراءة البروفيسور الساعوري الخاصة لأهداف المعارك المحتدمة في جنوب كردفان لا تتسق تماماً مع قراءة أخرى قدمها الخبير الإستراتيجي الدكتور جمال عبد الرحمن رستم، فالأخير يرى ان التطور الأخير جزء من إحدى السيناريوهات للعلاقة بين الشمال والجنوب على ضوء الأزمات التي تتنكبها. والسيناريو الذي يتحدث عنه الخبير الإستراتيجي رستم ينطلق من وجود رغبة لدولة الجنوب في إزالة النظام القائم في الخرطوم بأية وسيلة، وأن هذه الرغبة حسبما يشير تتسق مع رغبات أخرى في الغرب وفي الداخل. ويضيف جمال ان الطريقة الوحيدة المبررة للشروع في هذه الإزالة المدعومة دولياً وإقليمياً هي تصعيد صراع داخلي تقوده جماعات محلية ذات مطالب محددة. ويشرح الخبير الإستراتيجي أن الخطة الغربية لإسقاط نظام الخرطوم كانت تعتمد في السابق على سياسة شد الأطراف التي كانت ممكنة بفضل دول جوار السودان مثل أثيوبيا وكينيا ويوغندا وإريتريا، غير أن هذه السياسة لم تعد قابلة للتطبيق بفعل تحسن علاقات السودان مع أثيوبيا وارتريا وإنفصال الجنوب الذي حمل معه الحدود المشتركة مع يوغندا وكينيا. ولكن أصبح المدخل المناسب كما يقول الخبير الإستراتيجي الحدود المشتركة مع الجنوب والتي تبلغ (2010) كلم، وهو ما يتم تنفيذه الآن عبر شد أطراف السودان من جوبا وخلق أزمات في جنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان ودارفور، هذا باللإضافة الى تعميق الأزمة الإقتصادية لإستنزاف الحكومة وإضعاف النظام الحاكم. وإنطلاقاً من هذه الرؤيا الخاصة بالمحلل الإستراتيجي يمضي الأخير فيقول إن الهجوم الأخير تم إعداده وتنسيقه بمساعدة دولية وربما إقليمية، فالسيناريو يرتكز على أن تخلق العمليات العسكرية أوضاعاً إنسانية بالغة السوء في تلك المناطق تستلزم دخول منظمات المجتمع المدني الدولية ذات الأهداف الخاصة وتستتبع حدوث مواجهة على صعيد دولي مع الخرطوم في هذا الإطار، يؤدي في نهاية المطاف الى تدخل دولي في السودان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق