وقال الخبير الاقتصادي في جامعة الخرطوم محمد الجاك احمد ان "الاوضاع تتدهور اكثر فاكثر" وان الاقتصاد في ازمة، وتابع قائلا "الحياة اصبحت صعبة جدا".
وكان تصدير النفط السوداني، الذي انطلق في اواخر التسعينيات وادى الى نمو وجذب الاستثمارات، قد توقف عمليا في تموز/يوليو مع استقلال الجنوب بعد اجراء استفتاء عقب عقود من الحرب الاهلية.
وكان الجنوب، قبل التقسيم، ينتج حوالى ثلاثة ارباع النفط الخام السوداني اي ما نسبته اكثر من 85 بالمئة من عائدات التصدير التي بلغت 7,5 مليار دولار في النصف الاول من 2011، بحسب البنك الدولي.
وقال خبير اقتصادي دولي طالبا عدم كشف هويته "لقد خسروا هذا المردود (النفطي). لقد ذهب الى الابد".
ويتعين على جنوب السودان استخدام انابيب النفط في الشمال ومحطاته للتصدير لبيع نفطه الخام الى الاسواق العالمية الا ان الطرفين فشلا في التوصل لاتفاق حول الرسوم المتوجبة للخرطوم لقاء استخدام موانئها.
وقال احمد ان نفط الجنوب كان يغطي اكثر من ثلث عائدات الحكومة السودانية واكبر مصادرها للعملات الصعبة، معتبرا ان البدائل لدى الخرطوم قليلة جدا.
وشرح احمد انه وبدون البترو-دولار (عائدات النفط من الدولار) سيعاني السودان من نقص حاد في العملات الاجنبية ما سيرفع اسعار السلع المستوردة التي تستخدم في الانتاج المحلي، كما واسعار المواد الاولية ولا سيما الادوية.
وقال احمد ان "اسعار الادوية ترتفع بشكل كبير".
وبحسب الاعلام المحلي فان نسبة التضخم بلغت 19 بالمئة في كانون الثاني/يناير، فيما يعتبر محللون ان هذه النسبة مرجحة للزيادة.
ويقول محللون ان لجوء الحكومة الى طبع كميات جديدة من الاوراق النقدية سيزيد التضخم وسيضعف العملة السودانية (الجنيه السوداني) اكثر فاكثر.
ويقول الخبير الاقتصادي ان احتياطي السودان من العملات الاجنبية، حتى قبل خسارة نفط الجنوب، كانت اقل من نصف المعيار الموصى به والذي يغطي قيمة ثلاثة اشهر من الصادرات.
وتحدد الحكومة السودانية سعر صرف الدولار ب2,7 جنيه، الا ان سعر الصرف في السوق السوداء يفوق 4 جنيهات منذ اواخر العام الماضي، وهو يناهز عتبة ال5 جنيهات مؤخرا.
وقال احد العاملين في الصيرفة في السوق السوداء في احد احياء الخرطوم "في هذه الايام نحن جميعا نشتري الدولار"، مع توقع جني الارباح في المستقبل جراء تراجع سعر صرف الجنيه.
وقال صيرفي آخر "هناك نقص في الدولار في السوق".
ويقول الخبير الاقتصادي الدولي ان تقنين الحكومة من العملات الاجنبية يجعل من الصعب حتى على اكثر رجال الاعمال نفوذا الحصول على العملات الاجنبية عبر القنوات الرسمية.
وكان وزير المالية السوداني علي محمود الرسول اعلن الاسبوع الماضي ان السودان سيزيد من صادراته للحصول على العملات الصعبة وخفص سعر الصرف.
وتسعى الخرطوم الى مضاعفة انتاجها النفطي في 2012 وجني 5،2 مليار دولار من عائدات الذهب كما تسعى الى زيادة صادراتها من القطن والسكر وغيرها من السلع.
الا ان خبراء اقتصاديين يرون ان هذه الخطة غير قابلة للتطبيق على المدى القصير.
ويقول احمد ان البنى التحتية للقطاع الزراعي الذي كان يشكل في السابق الدعامة الاقتصادية للبلاد قد انهارت وما من حوافز للعمل (في هذا القطاع).
ويرجح الخبير الاقتصادي ان يبلغ عجز الموازنة السودانية حوالى 8 مليار دولار بين 2011 و2015، كما يرى انكماشا بنسبة 5،4 بالمئة في 2012.
ويحد الدين الخارجي السوداني المقدر ب حوالى 38 مليار دولار، كما والعقوبات الاميركية من قدرة السودان على جذب التمويل الخارجي.
وتسعى الخرطوم التي وضعت خطة طوارئ اقتصادية لمدة ثلاث سنوات الى تقليص الانفاق وزيادة الضرائب.
ويقول خبراء انه من الصعب تقليص الانفاق بالنظر الى المصاريف الضخمة المخصصة لقوات الامن التي تواجه حركات تمرد في الولايات المتاخمة للحدود الجنوبية.
ويقول احمد، ان الحكومة غير قادرة على توسيع القاعدة الضريبية بسبب الاعفاءات الممنوحة "لبعض الاشخاص والعائلات والمنظمات".
ويقول "معظم الضرائب هي ضرائب غير مباشرة تطال الفقراء".
وقدرت الامم المتحدة نسبة الفقر في السودان (شمال) ب5،46 في 2010.
ويقول احمد انه مع حد ادنى للاجور بين 200 و300 جنيه لا يمكن للناس ان يحصلوا على حاجاتهم الاساسية، وان الفقر سيزداد كما والاضطرابات الاجتماعية.
ويقول سائق سيارة اجرة ان الظروف الاقتصادية هي السبب الرئيسي وراء "الثورة" التي ستعيشها البلاد.
الا ان الصعوبات التي تواجهها البلاد لا تقارن بما عاشته في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي.
ويقول الخبير ان الخرطوم - حيث يتركز معظم النمو السوداني - لا تبدي مؤشرات للازمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد مع استمرار ورش البناء والاعمال الاقتصادية وغياب المعوزين.
ويختم الخبير انه في مرحلة ما "الامور ستصطدم بحائط مسدود".
حقوق الطبع والنشر © 2012 AFP.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق